كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 249 """"""
مثوى للمتكبرين " قلنا : " يا رسول الله متى أجلك ؟ قال : " دنا الفراق ، والمنقلب إلى الله ، وإلى جنة المأوى ، وإلى سدرة المنتهى ، وإلى الرفيق الأعلى والكأس الأوفى والحظ والعيش المهنى " قلنا : يا رسول الله من يغسلك ؟ قال : " رجال من اهلي الأدنى فالأدنى " قلنا : يا رسول الله ففيم نكفنك ؟ قال : " في ثيابي هذه إن شئتم أو في ثياب مصر أو في حلة يمانية " قال قلنا : يا رسول الله ، من يصلي عليك ؟ وبكينا وبكى ، فقال : " مهلا رحمكم الله وجزاكم عن نبيكم خيرا ، إذا أنتم غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري هذا على شفة قبري في بيتي هذا ، ثم اخرجوا عني ساعة ، فإن أول من يصلى علي حبيبي وخليلي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت معه جنوده من الملائكة بأجمعهم ، ثد ادخلوا علي فوجاً فوجاً ، فصلوا علي وسلموا تسليما ، ولا تؤذوني بتزكية ولا برنة ، وليبدأ بالصلاة على رجال من أهلي ثم نساؤهم ثم أنتم بعد ، وأقرئوا السلام على من غاب من أصحابي ، وأقرئوا السلام على من يتبعني على ديني من قومي إلى يوم القيامة " . قلنا : يا رسول الله ، فمن يدخلك قبرك ؟ قال : " أهلي كمع ملائكة كثيرة يرونكم من حيث لا ترونهم " .
وأما الدنانير التي قسمها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في مرضه الذي مات فيه
فقد روى عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : أصاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دنانير فقسمها إلا ستة ، فدفع الستة إلى بعض نسائه ، فلم يأخذه النوم حتى قال : " ما فعلت الستة " ؟ قالوا : دفعتها إلى فلانة ، قال : " ايتوني بها " ، فقسم منها خمسة في خمسة أبيات من الأنصار ، ثم قال : " استنفقوا هذا الباقي " وقال : " الآن استرحت " فرقد . وعن المطلب بن عبد الله أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال لعائشة ، وهي مسندته إلى صدرها : " يا عائشة ما فعلت تلك الذهب " ؟ قالت : هي عندي ، قال : " فأنفقيها " ثم غشى على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو على صدرها ، فلما أفاق قال : " هل أنفقت تلك الذهب يا عائشة " ؟ قالت : لا والله يا رسول الله ، قالت : فدعا بها فوضعها في كفه ، فعدها فإذا هي ستة دنانير ، فقال : " ما ظن محمد بربه أن لو لقى الله وهذه عنده " فأنفقها كلها ، ومات من ذلك اليوم .