كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 255 """"""
ذكر غسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومن غسله وتكفينه وحنوطه
روي أن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما ذكروا غسله سمعوا من باب الحجرة : لا تغسلوه فإنه طاهر مطهر ، ثم سمعوا صوتاً بعده : اغسلوه فإن ذلك إبليس وأنا الخضر ، وعزاهم فقال : إن في الله عزاءً من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركاً من كل فائت ، فبالله فثقوا وإياه فآرجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب . وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : لما توفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اختلف الذين يغسلونه ، فسمعوا قائلاً لا يدرون من هو ، يقول : اغسلوا نبيكم وعليه قميصه ، فغسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في قميصه . وعن عباد بن عبد الله عن عائشة قالت : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، ما غسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلا نساؤه ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما قبض اختلف أصحابه في غسله ، فقال بعضهم : اغسلوه وعليه ثيابه ، فبينما هم كذلك إذ أخذتهم نعسةٌ ، فوقع لحي كل إنسان منهم على صدره ، فقال قائل منهم لا يدري من هو : اغسلوه وعليه ثيابه ، قالوا : وكان الذي تولى غسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) علي بن أبي طالب ، والفضل بن العباس ، وأسامة بن زيد ، وكان علي يغسله ويقول : بأبي أنت وأمي طبت ميتاً وحياً . وقيل : كان علي يغسل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والفضل وأسامة يحجبانه ، وقيل : غسل والعباس قاعد والفضل محتضنه ، وعلي يغسله ، وأسامه يختلف ، وقيل : ولى غسله العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والفضل بن العباس وصالح مولى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أوصى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ألا يغسله أحد غيري ، فإنه " لا يرى أحد عورتي إلا طمست عيناه " . قال علي : فكان الفضل وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر ، وهما معصوبا العين . قال علي : فما تناولت عضواً إلا كأنما يقلبه معي ثلاثون رجلاً حتى فرغت من غسله . وقيل : كان معهم شقران مولى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وعن سعيد بن المسيب قال : غسل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكفنه أربعةٌ علي والعباس والفضل وشقران ، وقيل : لم يحضره العباس ، بل كان بالباب ، وقال : لم يمنعني أن أحضر غسله إلا أني كنت أراه يستحي أن أراه حاسراً . وقيل : حضره عقيل بن أبي طالب ، وأوس بن خولي ، وذلك أن أوس بن خولي قال : يا علي ، أنشدك الله في حظنا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له علي : ادخل ، فدخل فجلس ، وقيل : إنما دخل لأن الأنصار قالت : نناشدكم الله في نصيبنا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأدخلوا رجلاً منهم يقال له أوس بن خولي يحمل جرةً بإحدى يديه ، والذي أثبته الشيخ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي رحمه الله في مختصر

الصفحة 255