كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 257 """"""
في الصحيح أنه ( صلى الله عليه وسلم ) كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية من ثياب سحول - بلدة باليمن - ليس فيها قميص ولا عمامة ، بل لفائف من غير خياطة . وحنط رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكان في حنوطه المسك ، وأبقي منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه شيئا ادخره لحنوطه إذا مات .
ذكر الصلاة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : أول من صلى على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) العباس بن عبد المطلب ، وبنو هاشم ، ثم خرجوا ، ثم دخل المهاجرون والأنصار ، ثم الناس رفقاً رفقاً ، فلما انقضى الناس دخل عليه الصبيان صفوفا ، ثم النساء ، وقيل : النساء والصبيان . وذكر البيهقي عن الواقدي عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال : وجدت هذا في صحيفة بخط أبي ، فيها : لما كفن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ووضع على سريره ، دخل أبو بكر وعمر فقالا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، ومعهما نفرٌ من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت ، فسلموا كما سلم أبو بكر وعمر وصفوا صفوفاً لا يؤمهم عليه أحد ، فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : اللهم إنا نشهد أن قد بلّغ ما أنزل إليه ، ونصح لأمته ، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله به دينه ، وتمت كلماته ، فأومن به وحده لا شريك له ، فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه ، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه بنا فإنه كان بالمؤمنين رءوفاً رحيما ، لا نبتغي بالإيمان بدلا ، ولا نشتري به ثمناً أبدا . فيقول الناس آمين آمين ، ثم يخرجون ويدخل آخرون حتى صلوا عليه : الرجال والنساء ثم الصبيان . وعن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم قال : لما وضع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على السرير قال عليٌ : لا يؤم أحدٌ ؛ هو إمامكم حياً وميتا ، فكان يدخل الناس رسلاً رسلاً ، فيصلون عليه صفاً صفا ، ليس لهم إمام ويكبّرون ، وعلي قائم بحيال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : سلامٌ عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته ، اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما انزل إليه ونصح لأمته ، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته ، اللهم فاجعلنا ممن يتبع ما أنزل إليه ، وثبتنا بعده واجمع بيننا وبينه . فيقول الناس : آمين ، آمين . وقد قيل في سبب صلاة الناس عليه أفذاذاً : إن ما فعلوا ذلك ليكون كل منهم في الصلاة أصلاً لا تابعاً لأحد . وقيل : ليطول وقت الصلاة فيلحق من ياتي من حول المدينة .

الصفحة 257