كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 258 """"""
ذكر قبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولحده وما فرش تحته ومن فرشه ، ومن دخل قبره ، ووقت دفنه ، ومدة حياته ( صلى الله عليه وسلم )
روي أن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأهل بيته اختلفوا في مكان دفنه ؛ فقال بعضهم : ندفنه في مصلاه . وقال بعضهم : عند المنبر . وقال بعضهم : ادفنوه مع أصحابه بالبقيع . فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " ما دفن نبي قط إلا في المكان الذي توفي فيه " . وقيل : قال " ما مات نبيٌ إلا دفن حيث يقبض " فرفع فراش النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الذي توفي عليه وحفر له تحته ، وذلك في بيت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها . ثم اختلفوا أيلحد له أم لا ؟ وكان في المدينة حفّاران أحدهما يلحد وهو أبو طلحة ، والآخر لا يلحد وهو أبو عبيدة . فاتفقوا على أن من جاء منهما أولاً عمل عمله ، فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، كان بالمدينة رجلان : أبو عبيدة ابن الجراح يضرح حفر أهل مكة ، وأبو طاحة الأنصاري هو الذي يحفر لأهل المدينة ، وكان يلحد . فدعى العباس رجلين فقال لأحدهما : اذهب إلى أبي عبيدة ، وقال للآخر : اذهب إلى أبي طلحة ، وقال : اللهم خر لرسولك ، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد له . وقد روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " اللحد لنا والشق لغيرنا " . وقيل قال : " والشق لأهل الكتاب " . قيل : وكان ( صلى الله عليه وسلم ) يرى اللحد فيعجبه فألحد له ، وأطبق له تسع لبنات وفرش تحته في قبره قطيفة حمراء كان يغطى بها ( صلى الله عليه وسلم ) نزل بها شقران . وأما من نزل قبره ( صلى الله عليه وسلم ) فالعباس بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب والفضل وقثم ابنا العباس وشقران مولاه ، وقيل : أدخلوا معهم عبد الرحمن بن عوف ، قيل : وعقيل وأسامة بن زيد ، وصالح ، وأوس بن خولي . والذي صححه الشيخ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف رحمه الله : العباس وعلي والفضل وقثم وشقران . وزعم المغيرة بن شعبة أنه نزل قبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأنه آخر الناس عهداً برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في قبره . روى عن الشعبي قال : كان المغيرة يحدثنا ها هنا ، يعني بالكوفة قال : أنا آخر الناس عهداً بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما دفن وخرج علي من القبر ألقيت خاتمى فقلت : يا أبا الحسن خاتمي ، قال : إنزل فخذ خاتمك ، فنزلت فأخذت خاتمي ، ووضعت يدي على اللبن ثم خرجت . وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال : لما وضع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في لحده ، ألقى المغيرة بن شعبة خاتمه في القبر ، ثم قال : خاتمي ، خاتمي فقالوا : ادخل فخذه ، فدخل ثم قال :

الصفحة 258