كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 28 """"""
جعلنا بيننا دونه وبناتنا . . . وطبنا له نفسًا بفيء المغانم
ونحن ضربنا الناس حتّى تتابعوا . . . على دينه بالمرهفات الصّوارم
ونحن ولدنا من قريشٍ عظيمها . . . ولدنا نبيّ الخير من آل هاشم
بني دارمٍ لا تفخروا إنّ فخركم . . . يعود وبالاً عند ذكر المكارم
هبلتم ، علينا تفخرون وأنتم . . . لنا خولٌ من بين ظئرٍ وخادم
فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم . . . وأموالكم أن تقسموا في المقاسم
فلا تجعلوا لله ندًّا وأسلموا . . . ولا تلبسوا زيًّا كزيّ الأعاجم
وأفضل ما نلتم من المجد و العلا . . . ردافتنا عند احتضار المواسم
قالوا : فلما فرغ حسّان من قوله ، قال الأقرع بن حابس : وأبي ، إنّ هذا الرجل لمؤتًى له ، لخطيبه أخطب من خطيبنا ، ولشاعره أشعر من شاعرنا ، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا ، ولهم أحلم منّا . ونزل في وفد بني تميم قوله عز وجل : " إنّ الّذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون . ولو أنّهم صبروا حتّى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم والله غفورٌ رحيمٌ " .
قال محمد بن سعد : وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في قيس بن عاصم : " هذا سيّد أهل الوبر " وردّ عليهم الأسرى والسّبي ، وأمر لهم بالجوائز كما كان يجيز الوفد ؛ ثنتي عشرة أوقية ونشًّا ، وهي خمسمائة درهم .
قال ابن إسحق : وكان عمرو بن الأهتم قد خلّفه القوم في ظهرهم ، وكان أصغرهم سنًّا ، فقال قيس بن عاصم ، وكان يبغض عمرو بن الأهتم : يا رسول الله إنه قد كان رجلا منّا في رحالنا وهو غلام حدث ، وأزرى به ، فأعطاه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مثل ما أعطى القوم ، فبلغ عمرو بن الأهتم ما قاله قيس فيه ؛ فقال :
ظللت مفترش الهلباء تشتمني . . . عند النبيّ فلم تصدق ولم تصب
إن تنقصونا فإنّ الرّوم أصلكم . . . والرّوم لا تملك البغضاء للعرب
وإنّ سوددنا عودٌ وسوددكم . . . مؤخّرٌ عند أصل العجب والذّنب

الصفحة 28