كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 29 """"""
وروى أن الزّبرقان فخر يومئذ فقال : يا رسول الله ، أنا سيّد تميم ، والمطاع فيهم ، والمجاب منهم ، آخذ لهم بحقوقهم ، وأمنعهم من الظّلم ، وهذا يعلم ذلك . وأشار إلى عمرو بن الأهتم . فقال عمرو : إنه شديد العارضة ، مانعٌ لجانبه ، مطاعٌ في أدانيه . فقال الزّبرقان : والله لقد كذب يا رسول الله ، وما منعه من أن يتكلم إلا الحسد .
فقال عمرو : أنا أحسدك ؟ فو الله إنّك لئيم الخال ، حديث المال ، أحمق الولد ، مبغضٌ في العشيرة ، والله ما كذبت في الأولى ، ولقد صدقت في الثانية .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إنّ من البيان لسحرا " .
ذكر وفد فزارة واستسقاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لهم
قال ابن سعد : لمّارجع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من تبوك ، قدم عليه وفد بني فزارة ، بضعة عشر رجلا ؛ فيهم خارجة بن حصن ، والحرّ ابن قيس بن حصن ، وهو أصغرهم ، على ركابٍ عجافٍ ، فجاءوا مقرّين بالإسلام . وسألهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن بلادهم ، فقالوا : يا رسول الله ، أسنتت بلادنا ، وهلكت مواشينا ، وأجدب جنابنا ، وغرث عيالنا ، فادفع لنا ربك . فصعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المنبر ودعا ، فقال : " اللّهمّ اسبق بلادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، فأحي بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثًا مغيثا ، مريئًا مريعًا ، مطبقًا واسعًا ، عاجلاً غير آجل ، نافعًا غير ضارّ . اللهمّ اسقنا سقيا رحمةٍِ ، لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا محقٍ . اللهمّ اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء " فمطرت ، فما رأوا السماء ستًّا ، فصعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المنبر ، فدعا ، فقال : اللّهمّ حوالينا ولا علينا ، على الآكام والظّراب ، وبطون الأودية ، ومنابت الشّجر " . قال : فانجابت السماء عن المدينة انجياب الثوب .
وفي صحيح البخاريّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أصابت الناس سنةٌ على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فبينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب على المنبر يوم الجمعة ، قام