كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 30 """"""
أعرابي فقال : يا رسول الله هلك المال ، وجاع العيال ، فادع الله لنا أن يسقينا ، فرفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يديه ، وما في السماء قزعة سحابٍ ، قال فثار سحابٌ أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته ، قال : فمطرنا يومنا ذلك ، ومن الغد ، ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى ، فقام ذلك الأعرابي - أو رجلٌ غيره - فقال : يا رسول الله ، تهدّم البناء ، وغرق المال ، فادع الله لنا ، فرفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يديه ، فقال : " اللّهم حوالينا ولا علينا " قال : فما جعل يشير بيديه إلى ناحية من السماء إلاّ تفرّجت ، حتى صارت المدينة في مثل الجوبة ، حتى سال الوادي وادي قناة شهرا . قال : فلم يأت أحدٌ من جهة إلا حدّث بالجود .
ذكر وفد مرّة
قال : قدم وفد بني مرّة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عند مرجعه من تبوك في سنة تسعٍ ، وهم ثلاثة عشر رجلا ، رأسهم الحارث بن عوف ؛ فقالوا : يا رسول الله ، إنّا قومك وعشيرتك ، ونحن قوم من لؤيّ بن غالب . فتبسّم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم قال : " أين تركت أهلك " ؟ قال : بسلاح وما والاها . قال : " كيف تركت البلاد " ؟ قال : والله إنّا لمسنتون ، فادع الله لنا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اللّهمّ اسقهم الغيث " وأمر بلالاً أن يجيزهم ، فأجازهم بعشرة أواقٍ ، عشرة أواقٍ فضّة ، وفضّل الحارث بن عوف ، أعطاه ثنتي عشرة أوقيةً . فرجعوا إلى بلادهم فوجدوها قد مطرت في اليوم الذي دعا فيه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
ذكر وفد محارب
قال : قدم وفد محارب على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في سنة عشر ، في حجّة الوداع ، وهم عشرة نفر ، منهم سواء بن الحارث ، وابنه خزيمة بن سواء ، فأنزلوا دار رملة بنت الحارث ، وكان بلال يأتيهم بغداء وعشاء ؛ فأسلم وقالوا : نحن على من وراءنا ، ولم يكن أحد في تلك المواسم أفظّ ولا أغلظ على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من بني محارب . قال : ومسح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وجه خزيمة بن سواء ، فصارت له غرّة بيضاء ، وأجازهم كما يجيز الوفد ، وانصرفوا إلى أهليهم .