كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 39 """"""
ذهب الذين يعاش في أكنافهم . . . وبقيت في خلفٍ كجلد الأجرب
يتلذّذون ملاذةً ومجانةً . . . ويعاب قائلهم وإن لم يشعب
فتعدّ عن هذا وقل في غيره . . . واذكر شمائل من أخٍ لك معجب
إنّ الرّزيّة لا رزيّة مثلها . . . فقدان كلّ أخٍ كضوء الكوكب
من معشرٍ سنّت لهم أباؤهم . . . والعزّ لا يأتي بغير تطلّب
يا أربد الخير الكريم جدوده . . . أفردتني أمشي بقرن أعضب
وقال أيضا فيه :
ما إن تعدّي المنون من أحدٍ . . . لا والدٍ مشفقٍ ولا ولد
أخشى على أربد الحتوف ولا . . . أرهب نوء السّماك والأسد يا عين هلاّ بكيت أربد إذ . . . قمنا وقام الخصوم في كبد
فجّعني الرّعد والصّواعق بالفا . . . رس يوم الكريهة النّجد
قال : وأنزل الله عزّ وجلّ في هذه القصّة : " سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار . له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه " يعني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " يحفظونه " يعني تلك المعقبات " من أمر الله " . ثم قال تعالى مشيرا لهذين : " إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مردّ له وما لهم من دونه من والٍ " . أي ملجإ يلجئون إليه . وقد قيل : " والٍ " يلي أمرهم ، ويمنع العذاب عنهم . ثم قال تعالى : " هو الّذي يريكم البرق خوفًا وطمعًا " . قال : " خوفًا " للمسافر يخاف أذاه ومشقّته . " وطمعًا " للمقيم يرجو بركته ومنفعته . " وينشيء السّحاب الثّقال . ويسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال " قال الحسن : شديد الحقد .

الصفحة 39