كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 4 """"""
ذكر وفد غفار وقصّة أبي ذرّ الغفاريّ في سبب إسلامه
روى الشّيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي رحمه الله في كتابه المترجم بدلائل النبؤة بسنده إلى عبد الله بن الصّامت ، قال قال أبو ذرّ رضي الله عنه : خرجنا عن قومنا غفار ، وكانوا يحلّون الشّهر الحرام ، فخرجت أنا وأخي أنيس وأمّنا ، فانطلقنا حتى نزلنا على خالٍ لنا ذى مال وذى هيئة ، فأكرمنا وأحسن إلينا ، فحسدنا قومه ، فقالوا له : إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس ، قال : فجاء خالنا فنثا علينا ما قيل له ؛ فقلت له : أمّا ما مضى من معروفك فقد كدّرته ، ولاجماع لك فيما بعد . قال : فقرّبنا صرمتنا فاحتملنا عليها ويغطّي خالنا ثوبه فجعل يبكي وانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكّة ، فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها ، فأتينا الكاهن فخبّر أنيسا ، فأتانا بصرمتنا ومثلها معها .
قال أبو ذرّ : وقد صلّيت يابن أخي قبل أن ألقى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بثلاث سنين . قال ابن الصامت : فقلت لمن ؟ قال : لله . قلت : فأين توجّه ؟ قال : أتوجّه حيث وجّهني الله ؛ أصلّى عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأنى خفاءٌ - يعني الثوب - حتى تعلوني الشمس . فقال أنيس : إن لي صاحبا بمكة فاكفني حتى آتيك . فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث عليّ ، ثم أتاني فقلت : ما حبسك ؟ قال لقيت رجلاً بمكة يزعم أن الله أرسله على دينك . قال : قلت ماذا يقول الناس فيه ؟ قال : يقولون إنه شاعرٌ وساحرٌ وكاهنٌ . قال : وكان أنيس أحد الشعراء - وفي رواية عنه : والله ما سمعت بأشعر من أخي أنيس - لقد ناقض اثنى عشر شاعرا في الجاهلية أنا أحدهم . قال فقال أنيس : لقد سمعت قول الكهانة فما هو بقولهم ، ولقد وضعت قوله على أقراء الشّعر فلم يلتئم ، وما يلتئم والله على لسان أحد بعدى أنه شعرٌ ، ووالله إنه لصادقٌ وإنهم لكاذبون . قال : قلت له هل أنت كافىّ حتى انطلق فأنظر ؟ فقال : نعم وكن من أهل مكة على حذر ، فإنهم قد شنفوا له وتجهّموا . فانطلقت حتى قدمت مكة ، فتضعّفت رجلا منهم فقلت :
الصفحة 4
281