كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 40 """"""
قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : شديد الأخذ . وقد روى الثّعلبيّ أيضا ، عن إسحق الحنظليّ ، عن ريحان بن سعيد الشّامي ، عن عبّاد بن منصور ، قال سألت الحسن عن قوله عز وجل : " ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء " الآية .
قال : كان رجلٌ من طواغيت العرب ، فبعث إليه النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) نفرًا ليدعوه إلى الله عز وجل ورسوله أن يؤمن ، فقال لهم : أخبروني عن ربّ محمدٍ هذا الذي تدعوني إليه ما هو ؟ وممّ هو ؟ من ذهب أم فضّة أم حديد أم نحاس ؟ فاستعظم القوم مقالته ، وانصرفوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا رجلاً أكفر قلبًا ، ولا أعتى على الله منه فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ارجعوا إليه " فرجعوا إليه فجعل لا يزيدهم على مثل مقالته الأولى وأخبث ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ارجعوا إليه " فرجعوا ، فبيناهم عنده ينازعونه ويدعونه ويعظمون عليه ، وهو يقول هذه المقالة ؛ إذ ارتفعت سحابةٌ فكانت فوق رءوسهم ، فرعدت وبرقت فرمت بصاعقة فاحترق الكافر وهم جلوس ، فجاءوا يسعون ليخبروا النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) فاستقبلهم قومٌ من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقالوا لهم : احترق صاحبكم . قالوا لهم : من أين علمتم ؟ قالوا : أوحي إلى النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) الساعة : " ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء " الآية . والله أعلم في أيهما نزلت .
ولنرجع إلى تتمة خبر وفد عامر بن صعصعة .
قال محمد بن سعد في طبقاته : وكان في الوفد عبد الله بن الشّخّير ، فقال : يا رسول الله ، أنت سيدنا ، وذو الطّول علينا . قال : " السيّد الله ، لا يستهوينّكم الشيطان " .
قالوا : وقدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) علقمة بن علاثة بن عوف ، وهوذة بن خالد بن ربيعة وابنه ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالسا إلى جنب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أوسع لعلقمة " فأوسع له ، فجلس إلى جنبه ، فقصّ عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شرائع الإسلام ، وقرأ عليه قرآنا ، فقال : يا محمد ، إن ربّك لكريم ، وقد آمنت بك ، وبايعت على عكرمة بن خصفة أخى قيس ، وأسلم هوذة وابنه وابن أخيه .
وروى ابن سعد عن عوف بن أبي حجيفة السّوائيّ عن أبيه قال : قدم وفد بني عامر وكنت معهم إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فوجدناه بالأبطح في قبّة حمراء ، فسلّمنا عليه ، فقال : " من أنتم " ؟ قلنا : بنو عامر بن صعصعة . قال : " مرحبًا بكم أنتم منّي وأنا منكم " .