كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 42 """"""
قالوا : ولحق أبو المليح بن عروة ، وقارب بن الأسود بن مسعود برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأسلما ، فقال لهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " تولّيا من شئتما " فقالا : نتولّى الله ورسوله ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " وخالكما أبا سفيان بن حرب " فقالا : وخالنا أبا سفيان .
قال ابن إسحق : ثم أقامت ثقيف بعدما قتل عروة أشهرًا ، ثم أئتمروا بينهم ، ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب ، وقد بايعوا وأسلموا . وكان مالك بن عوف قد أسلم كما قدّمنا في غزوة حنين ، وجعل يغير على سرحهم . قال : وكان عمرو بن أمية أخا بني علاج مهاجرًا لعبد يا ليل بن عمرو ، وكان من أدهى العرب ، فمشى إلى عبد يا ليل بن عمرو حتى دخل داره ، ثم أرسل إليه أن اخرج إليّ ، فاستعظم عبد يا ليل مشيه إليه ، وقال للرسول الذي جاءه : ويلك أعمرو أرسلك إليّ ؟ قال : نعم ، وها هو ذا واقفا في دارك ، فقال : إن هذا لشيء ما كنت أظنه ، لعمرو كان أمنع في نفسه من ذلك ، وخرج إليه ، فلمّا رآه رحّب به ، فقال عمرو له : إنه قد نزل بنا أمر ليست معه هجرة ، إنه قد كان من أمر هذا الرجل ما قد رأيت ، وقد أسلمت العرب كلها ، وليست لكم بحربهم طاقة ، فانظروا في أمركم . فعند ذلك ائتمرت ثقيف بينها ، وقال بعضهم لبعض : ألا ترون أنه لا يأمن لكم سربٌ ، ولا يخرج منكم أحد إلا اقتطع . فأجمعوا رأيهم أن يرسلوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجلا منهم ، كما أرسلوا عروة بن مسعود ، فعرضوا ذلك على عبد يا ليل بن عمرو بن عمير ، فأبى أن يفعل ، وخشي أن يصنع به إذا رجع كما صنع بعروة ، فقال : لست فاعلا حتى يرسلوا معي رجالا ، فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف ، وثلاثة من بني مالك ، فبعثوا معه الحكم بن عمرو بن وهب بن معتّب ، وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتّب ، ومن بني مالك عثمان بن أبي العاص بن بشر أخا بني يسار ، وأوس بن عوف أخا بني سالم ، ونمير بن خرشة بن ربيعة أخا بني الحارث ، فخرج بهم عبد يا ليل وهو ناب القوم وصاحب أمرهم .
وقال ابن سعد : كانوا بضعة عشر رجلا ، وهو أثبت . وقال ابن إسحق : فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ، ألفوا بها المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته ركاب أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكانت رعيتها نوبًا على أصحابه ، فلما رآهم ترك الرًكاب عند الثّقفيين ، وخرج يشتدّ ليبشّر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقدومهم عليه ،