كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 44 """"""
روى عن عثمان بن أبي العاص قال : كان من آخر ما عهد إليّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين بعثني على ثقيفٍ أن قال : " يا عثمان ؛ تجاوز في الصلاة واقدر الناس بأضعفهم فإن فيهم الكبير والصّغير والضّعيف وذا الحاجة " .
قال ابن إسحق : ولما توجهوا إلى بلادهم بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة في هدم الطاغية ، فخرجا مع القوم ، حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة أن يقدّم أبا سفيان فأبى ذلك عليه ، وقال ادخل أنت على قومك . وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم ، فلما دخل المغيرة بن شعبة علاها يضربها بالمعول ، وقام قومه بنو معتّب دونه خشية أن يرمى أو يصاب كما أصيب عروة بن مسعود ، وخرج نساء ثقيف حسّرا يبكين ويقلن :
لتبكينّ دفّاع . . . أسلمها الرّضّاع
لم يحسنوا المصاع
قال : ويقول أبو سفيان بن حرب ، والمغيرة يضربها بالفأس : واهًا لك أهلاً لك فلما هدمها المغيرة بن شعبة وأخذ مالها وحليّها ، أرسل إلى أبي سفيان ، وحليّها مجموعٌ ، ومالها من الذّهب والجزع . وقد كان أبو مليح بن عروة سأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يقضي عن أبيه عروة بن مسعود دينا كان عليه من مال الطاغية ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " نعم " فقال له قارب بن الأسود : وعن الأسود يا رسول الله فاقضه ، - وعروة والأسود أخوان لأبٍ وأمٍّ - فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " الأسود مات مشركا " ، فقال قارب : يا رسول الله ، لكن يصل مسلمًا ذا قرابة - يعني نفسه - إنّما الدّين عليّ وأنا الذي أطلب به . فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أبا سفيان أن يقضي دين عروة والأسود من مال الطّاغية ؛ فلمّا جمع المغيرة مالها قال لأبي سفيان : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد أمرك أن تقضي عن عروة والأسود دينهما . فقضى عنهما .