كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 50 """"""
والشجر ، ويتعاونان على الفتّان " . فلما رأى حريث أن قد حيل دون كتابه ، ضرب بإحدى يديه على الأخرى ، وقال : كنت أنا وأنت كما قيل : " حتفها تحمل ضأنٌ بأظلافها " فقلت : أما والله أن كنت لدليلاً في الظّلماء ، جوادًا بذي الرّحل ، عفيفًا عن الرّفيقة ، حتى قدمت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولكن لا تلمني على حظّي إذ سألت حظّك . فقال : ومن حظّك في الدّهناء لا أبا لك ؟ قلت : مقيّد جملى تسأله لجمل امرأتك قال : لا جرم ، إنّي أشهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنّي لك أخٌ ما حييت إذ أثبت هذا عليّ عنده . فقلت : أما إذ بدأتها فلن أضيعها . وحديث قيلة فيه طولٌ ليس هذا موضعه .
ذكر وفادات أهل اليمن
ذكر وفد طيّء وخبر زيد الخيل وعديّ بن حاتم
قالوا : وفد على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وفد طيّء خمسة عشر رجلا ، رأسهم ، وسيّدهم زيد الخيل بن مهلهل ، من بني نبهان ، وفيهم وزر بن جابر بن سدوس النّبهانيّ ، وهو قاتل عنترة ، وقبيصة بن الأسود بن عامر من جرم طيّء ، ومالك بن عبد الله بن خيبري من بني معنٍ ، وقعين بن خلف من جديلة ، ورجل من بني بولان ، فدخلوا المدينة ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في المسجد ، فعقلوا رواحلهم بفناء المسجد ، ثم دخلوا فدنوا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فعرض عليهم الإسلام ، فأسلموا وأجازهم بخمس أواق فضة لكل رجل منهم ، وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقيةً ونشًّا . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " ما ذكر لي رجلٌ من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي إلاّ ما كان من زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كلّ ما كان فيه " .
وسمّاه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " زيد الخير " وقطع له فيد وأرضين معه ، وكتب له بذلك كتابا ، فخرج مع قومه راجعًا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن ينج زيدٌ من حمّى المدينة فإنّه " ، فلما انتهى زيد من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له فردة أصابته الحمّى فمات ، فعمدت امرأته إلى ما كان النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) كتب له فحرقته بالنار .
هذا ما كان من خبر زيد الخيل .

الصفحة 50