كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 53 """"""
فيه ما ترى من كثرة عدوّهم ، وقلّة عددهم ، فو الله ليوشكن أن يسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف ، ولعلك إنما يمنعك من دخولٍ فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم ، وايم الله ليوشكنّ أن يسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم " . قال عديّ : فأسلمت . فكان عديّ يقول : قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة ، والله لتكوننّ ؛ قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم ، وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت ، وايم الله لتكوننّ الثالثة ؛ ليفيضنّ المال حتى لا يوجد من يأخذه .
ذكر وفد تجيب
قال ابن سعد : قدم وفد تجيب على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في سنة تسع من مهاجره ، وهم ثلاثة عشر رجلا ، وساقوا صدقات أموالهم التي فرض الله عليهم ، فسّر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بهم ، وقال : " مرحبًا بكم " وأكرم منزلهم وحيّاهم ، وأمر بلالاً أن يحسن ضيافتهم وجوائزهم ، وأعطاهم أكثر مما كان يجيز به الوفد ، وقال : " هل بقي منكم أحد " قالوا " غلام خلفناه على رحالنا وهو أحدثنا سنّا . قال : " أرسلوه إلينا " ، فأقبل الغلام إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : إني امرؤ من بني أبناء الرّهط الذين أتوك آنفًا ، فقضيت حوائجهم فاقض حاجتي ، قالل : " وما حاجتك " ؟ قال : تسأل الله أن يغفر لي ويرحمني ويجعل غناي في قلبي . فقال : " اللهم اغفر له وارحمه واجعل غناه في قلبه " . ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه ، فانطلقوا راجعين إلى أهليهم ، ثم وافوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في الموسم بمنًى في سنة عشرٍ ، فسألهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن الغلام ، فقالوا : ما رأينا مثله أقنع منه بما رزقه الله .