كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 54 """"""
ذكر وفد خولان
قال : قدم وفد خولان على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، في شعبان سنة عشر ، وهم عشرة نفر ، فقالوا : يا رسول الله ، نحن مؤمنون بالله مصدّقون برسوله ، ونحن على من وراءنا من قومنا ، وقد ضربنا إليك آباط الإبل . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ما فعل عمّ أنسٍ " صنمٌ لهم ؛ فقالوا : بشرٍّ وعرٍّ ، أبد لنا الله به ما جئت به ، ولو قد رجعنا إليه هدمناه . وسألوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن أشياء من أمر دينهم ، فجعل يخبرهم بها ، وأمر من يعلّمهم القرآنم والسّنن ، وأنزلوا في دار رملة بنت الحارث ، وأجريت عليهم الضيافة ، ثم جاءوا بعد أيام يودّعونه ، فأمر لهم بجوائز ثنتي عشرة أوقية ونشٍّ ، ورجعوا إلى قومهم ، فلم يحلّوا عقدة حتى هدموا عمّ أنسٍ . وممن أسلم من خولان أبو مسلم الخولانيّ العابد ، واسمه عبد الله بن ثوب ، ولم ير رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وإنما قدم المدينة بعد وفاته ، وله خبر عجيب مع الأسود العنسيّ ، نذكره في أخباره في خلافة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه .
ذكر وفد جعفي
قال ابن سعد : وفد إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجلان من جعفيّ ، وهما قيس بن سلمة بن شراحيل ، وسلمة بن يزيد ، وهما أخوان لأم ، وأمهما مليكة بنت الحلو بن مالك ، فأسلما فقال لهما رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " بلغني أنكم لا تأكلون القلب " وكانوا يحرّمون أكله ، فقالا : نعم ، قال : " فإنه لا يكمل إسلامكم إلا بأكله " ودعا بقلب فشوي ، ثم ناوله سلمة فلما أخذه أرعدت يده فقال له : " كله " فأكله ، وقال :
قل إنّي أكلت القلب كرهًا . . . وترعد حين مسّته بناني ثم قالا : يا رسول الله ، إنّ أمّنا مليكة بنت الحلو كانت تفكّ العاني ، وتطعم البائس ، وترحم المسكين ، وأنها ماتت وقد وأدت بنية لها صغيرة ، فما حالها ، ؟ قال : " الوائدة والموءودة في النار " فقاما مغضبين ، فقال : " إليّ فارجعا " فقال : " وأمّي

الصفحة 54