كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 6 """"""
ففعل ، فانطلق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأبو بكر ، وانطلقت معهما حتى فتح أبو بكر بابه ، فجعل يقبض لنا من زينب الطائف ، فكان ذاك أوّل طعام أكلته بها ، قال : فغبرت ما غبرت ، ثم أتيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إني وجّهت إلى أرض ذات نخلٍ لا أحسبها إلا يثرب ، فهل أنت مبلغ عنّي قومك لعل الله أن ينفعهم بك ، ويأجرك فيهم " ؛ قال : فانطلقت حتّى أتيت أخي أنيساً فقال لي : ما صنعت ؟ قلت : أسلمت وصدّقت ، قال : فما بي رغبةٌ عن دينك ، فإني قد أسلمت وصدّقت .
ثم أتينا أمّنا ، فقالت : ما بي رغبة عن دينكما ، فإني قد أسلمت وصدقت ، قال : ثم احتملنا حتى أتينا قومنا غفارا ، فأسلم نصفهم قبل أن يقدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة ، وكان يؤمّهم خفاف بن إيماء ابن رحضة الغفاريّ ، وكان سيّدهم يومئذ ، وقال بقيتهم : إذا قدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أسلمنا ؛ فقدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة فأسلم بقيّتهم ؛ وجاءت أسلم ، فقالوا : يا رسول الله إخواننا ؛ نسلم على الذي أسلموا عليه . فأسلموا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله " .
وهذه الرواية فى خبر إسلام أبي ذرّ ؛ قد روى مسلم فى صحيحه نحوها ، وهي تخالف رواية البخاريّ .
وروى البيهقيّ عن أبى ذرٍّ قال : كنت ربع الإسلام ، أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع ؛ أتيت النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) فقلت : السلام عليك يا رسول الله ، أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله ، فرأيت الاستبشار فى وجه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وروى أبو عمر بن عبد البر بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : لما بلغ أبا ذر مبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة قال لأخيه أنيس : اركب إلى هذا الوادي ، فاعلم لي علم هذا الرجل الذى يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ، ثم ايتني ؛ فانطلق حتى قدم مكة وسمع من قوله ثم رجع ، فقال : رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ، وسمعت منه كلاما ما هو بالشعر . قال : ما شفيتني فيما أردت ، فتزوّد وحمل شنّة له فيها ماءٌ حتى قدم مكة فأتى المسجد ، فالتمس النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولا يعرفه ، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه الليل ، فاضطجع فرآه عليّ بن أبي طالب ؛ فقال : كأنّ الرجل غريبٌ ، قال : نعم ، قال انطلق إلى المنزل ، قال : فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أسأله ، فلما أصبحت من الغد رجعت إلى المسجد ، وبقيت يومي حتى