كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 64 """"""
وشرائعه ، وكتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكتب بذلك إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكتب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى خالد : " أن بشّرهم وأنذرهم واقدم ومعك وفدهم " ، فقدم خالد ومعه وفدهم ؛ فيهم قيس بن الحصين ، ويزيد بن عبد المدان ، وعبد الله بن عبد المدان ، ويزيد بن المحجّل ، وعبد الله بن قرادٍ ، وشدّاد بن عبد الله القنانيّ ، وعمرو بن عبد الله ، وأنزلهم خالد عليه ، ثم جاء بهم إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : " من هؤلاء الذين كأنهم رجال الهند " ؟ فقيل : بنو الحارث بن كعب ، فسلّموا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فأجازهم بعشر أواق ، وأجاز قيس بن الحصين باثنتي عشرة أوقية ونشٍّ ، وأمره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على بني الحارث ، ثم انصرفوا إلى قومهم في بقية شوّال . هذا ما حكاه ابن سعد في طبقاته .
وقال ابن إسحق : لما وقفوا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سلّموا عليه ، وقالوا : نشهد أنك لرسول الله ، وأنه لا إله إلا الله . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أنتم الذين إذا زجروا استقدموا " ؟ فسكتوا ، فلم يراجعه منهم أحد ، فأعادها عليهم الثانية والثالثة ، فلما أعادها الرابعة قال يزيد بن عبد المدان : نعم يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، قالها أربع مرار ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لو أنّ خالدا لم يكتب إليّ أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم " فقال يزيد بن عبد المدان : أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خاالدا ، قال : " فمن حمدتم " ؟ قالوا : حمدنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله . قال : " صدقتم " ، ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية " قالوا : لم نكن نغلب أحدا . قال : " بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم " قالوا : كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله أنا كنا نجتمع ولا نتفرق ، ولا نبدأ أحدا بظلم ، قال : " صدقتم " . وأمّر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على بني الحارث قيس بن الحصين ، وأجازهم بعشر أواقٍ عشر أواقٍ ، وأجاز قيس بن الحصين باثنتي عشرة أوقيةً ونشٍّ ، ثم انصرفوا إلى قومهم في بقيّة شوّال ، أو في صدر ذي القعدة ، فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
قال : وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم ليفقّههم في الدّين ويعلّمهم السّنة ، ويعلّمهم الإسلام ، ويأخذ منهم صدقاتهم . وكتب له كتابا وهو :

الصفحة 64