كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
أمسيت وصرت إلى مضجعي ، فمرّ بي عليّ بن أبي طالب ، فقال : أما آن للرّجل أن يعرف منزله ؟ فأقامه وذهب به معه ، وما يسأل واحدٌ منهما صاحبه عن شيء ، حتى إذا كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك ، فأقامه عليٌّ معه ، ثم قال : ألا تحدّثني ما الذي أقدمك هذا البلد ؟ قال : إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت ؛ ففعل ؛ فأخبره عليّ أنه نبيٌّ ، وأنّ ما جاء به حقٌّ ، وأنّه رسول الله ، قال : فإذا أصبحت فاتّبعني ، فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأنّي أريق الماء ، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ، قال : فانطلقت أقفوه حتى دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ودخلت معه وحييت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بتحيّة الإسلام ، فقلت : السلام عليك يا رسول الله فكنت أوّل من حياه بتحية الإسلام ، فقال : " وعليك السلام ، من أنت " ؟ قلت : رجل من غفار ، فعرض على الإسلام ، فأسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ارجع إلى بلاد قومك ، وأخبرهم ، واكتم أمرك عن أهل مكة ، فإني أخشاهم عليك " فقلت : والذي نفسي بيده لأصرحنّ بها بين أظهرهم ، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إلى إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فثاب القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه ، وأتى العباس فأكبّ عليه وقال : ويلكم أولستم تعلمون أنه من غفار ، وأنّ طريق تجاركم إلى الشام عليهم وأنقذه منهم ، ثم عاد إلى مشهد وثاروا إليه فضربوه ، فأكب عليه العباس فأنقذه ، ثم لحق بقومه . وكان هذا أوّل إسلام أبي ذرٍّ .
ومن رواية اللّيث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال : قدم أبو ذرٍّ على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهو بمكة فأسلم ، ثم رجع إلى قومه ، فكان يسخر بآلهتهم ، ثم إنه قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة ، فلما رآه وهم فى اسمه ، فقال : أنت أبو نملة ؟ قال : أنا أبو ذرّ ، قال : نعم أبو ذرّ .
ذكر وفد أزد شنوءة وكيف كان إسلام ضمادٍ
روى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ - رحمه الله - بسنده إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم ، قال : قدم ضماد مكة ، وهو رجلٌ من أزد شنوءة ، وكان يرقى من هذه الرياح ، فسمع سفهاء الناس يقولون : إنّ محمدا مجنونٌ ، فقال : آتى هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يديّ ، قال : فلقيت محمدا ، فقلت : إنى أرقى من هذه الرياح ، وإن الله يشفى على يدي من يشاء ، فهلمّ ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إنّ

الصفحة 7