كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 70 """"""
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فعرض عليهما الإسلام فقبلاه وبايعا عن قومهما ، فأعجب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شأنهما ، وحسن هيئتهما ؛ فقال : " هل خلّفتما وراء كما من قومكما مثلكما " ؟ قالا : يا رسول الله ، قد خلّفنا وراءنا من قومنا سبعين رجلا كلهم أفضل منا ، وكلهم يقطع الأمر وينفّذ الأشياء ، ما يشاركوننا في الأمر إذا كان ، فدعا لهما رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولقومهما بخير ، وقال : " اللهمّ بارك في النّخع " . وعقد لأرطأة لواءً على قومه ، وكان في يده يوم الفتح ، فشهد به القادسيّة فقتل يومئذ ، فأخذه أخوه دريد فقتل - رحمهما الله - فأخذه سيف ابن الحارث من بني جذيمة ، فدخل به الكوفة .
قال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر الأسلميّ ، قال : كان آخر من قدم من الوفد على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وفد النّخع ، وقدموا من اليمن للنّصف من المحرم ، سنة إحدى عشرة ، وهم مائتا رجل ، فنزلوا دار رملة بنت الحارث ، ثم جاءوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مقرّين بالإسلام ، وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل باليمن ، وكان فيهم زرارة بن عمرو .
وحكى أبو عمر بن عبد البرفي ترجمة زرارة بن عمرو ، والد عمرو بن زرارة ، قال : قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في وفد النّخع ، فقال : يا رسول الله ، إني رأيت في طريقي رؤيا هالتني . قال : " وما هي " ؟ قال : رأيت أتانًا خلّفتها في أهلي ولدت جديا أسفع أحوى ، ورأيت نارا خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابنٍ لي - يقال له عمرو - وهي تقول : لظى لظى ، بصيرٌ وأعمى . فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " أخلّفت في أهلك أمةً مسرّة ولدا " . قال : نعم . قال : " فإنها قد ولدت غلاما وهو ابنك " قال : فما باله أسفع أحوى ؟ قال : " ادن منّي ، أبك برص تكتمه " ؟ قال : والذي بعثك بالحق ، ما علمه أحدٌ قبلك . قال : " فهو ذاك ، وأما النار فإنها فتنة تكون بعدي " . قال : وما الفتنة يا رسول الله ؟ قال : يقتل الناس إمامهم ، يشتجرون اشتجار أطباق الرأس - وخالف بين أصابعه - دم المؤمن عند المؤمن أحلى من الماء ، يحسب المسيء أنه محسن ، إن متّ أدركت ابنك ، وإن مات ابنك أدركتك " . قال : فادع الله لي ألاّ تدركني . فدعا له . قال : وكان قدوم زرارة بن عمرو هذا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في النّصف من شهر رجب سنة تسع .

الصفحة 70