كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 91 """"""
ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبرالسماء ، وانطلق الذين توجهوا إلى نحو تهامة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بنحلة وهو عامد إلى سوق عكاظ ، وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا : هذا الذي حال بينكم وبين خبرالسماء . فهنالك رجعوا إلى قومهم " فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً . يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا " . وأنزل الله تعالى على نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) : " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " وإنما أوحي إليه قول الجن ، روا البخاري في صحيحه عن موسى بن إسماعيل ، عن أبي عوانة ، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .
وذهب محمد بن سعد إلى أن استماع الجن كان بنخلة ، عند عود رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من الطائف ، لما توجه يدعوهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا له ، وذلك قبل الهجرة . وقال الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتابه المترجم " بدلائل النبوة " ومعرفة أحوال صاحب الشريعة " بعد أن ساق حديث البخاري قال : وهذا الذي حكاه عبد الله بن عباس إنما هو في أول ما سمعت الجن قراءة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وعلمت بحاله ، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم كما حكاه ، ثم أتاه داعي الجن مرةً أخرى ، فذهب معه ، وقرأ عليهم القرآن ، كما حكاه عبد الله بن مسعود .
وقد روى البيهقي بسنده إلى عبد الله بن مسعود خبر الجن في القصتين : أما الأولى فإنه قال : هبطوا على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة ، فلما سمعوه قالوا : أنصتوا - قالوا صه - وكانوا سبعة ، أحدهم زوبعة ، فأنزل الله تعالى : " وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا " إلى قوله " أولئك في ضلالٍ مبينٍ " . وعن ابن مسعود أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) آذنته بالجن شجرةٌ ، رواه البخاري ومسلم في الصحيحين .