كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 92 """"""
وأما القصة الثانية ، فرواها عن الشّعبيّ عن علقمة قال : قلت لعبد الله بن مسعود هل صحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليلة الجنّ منكم أحدٌ ؟ فقال : ما صحبه منّا أحدٌ ، ولكنا فقدناه ذات ليلة بمكة فقلنا : اغتيل ؟ استطير ؟ ما فعل ؟ قال : فبتنا بشرّ ليلةٍ بات بها قومٌ ، فلما كان في وجه الصّبح أو قال في السّحر ، إذا نحن به يجئ من قبل حراء ، فقلنا : يا رسول الله ، فذكروا الذي كانوا فيه ، فقال : " إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم " قال : فانطلق فأرانا آثارهم ، وآثار نيرانهم ، قال : وقال الشعبي فسألوه الزّاد ، وقال ابن أبي زائدة : قال عامر سألوه ليلتئذٍ الزاد ، وكانوا من جن الجزيرة ، فقال : " كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحماً ، وكل بعرةٍ أو روثةٍ علفٌ لدوابكم - قال - فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم من الجن " رواه مسلم في صحيحه . وكان فيما قرأ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عليهم : " الرحمن . علم القرآن " السورة ؛ ويدل على ذلك ما رواه محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : لما قرأ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " الرحمن " على الناس سكتوا فلم يقولوا شيئاً ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " للجن كانوا أحسن جواباً منكم لما قرأت عليهم " فبأي آلاء ربكما تكذبان " قالوا : لا ولا بشيء من آلاء ربنا نكذب " . ومن رواية أخرى عنه : " قالوا ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد " .
وعن أبي المليح الهذلي أنه كتب إلى عبيدة بن عبد الله بن مسعود : أين قرأ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الجن ؟ فكتب إليه : إنه قرأ عليهم بشعب يقال لهم الحجون . وروى عن عبد الله بن مسعود عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " أن نفراً من الجن خمسة عشر بني أخوةٍ وبني عمٍّ يأتونني الليلة فأقرأ عليهم القرآن " . وقيل : كانوا أكثر من هذا . وقد جاء عنه : أنه ذهب إلى موضعهم ، قال : فرأيت موضع مبرك ستين بعيراً . ولما رأى عبد الله بن مسعود رجال الزّطّ قال : ما رأيت شبههم إلا الجن ليلة الجن ، وكانوا مستنفرين يتبع بعضهم بعضاً .

الصفحة 92