كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 94 """"""
قارب ؟ قال : فلم يجبه أحدٌ تلك السنة ، فلما كانت السنة المقبلة ، قال : أيها الناس ، أفيكم سواد بن قارب ؟ قال فقلت : يا أمير المؤمنين ، وما سواد ابن قارب ؟ فقال : إن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئاً عجيباً قال : فبينا نحن كذلك ، إذا طلع سواد بن قارب ، فقال له عمر : يا سواد ، أخبرني ببدء إسلامك كيف كان ؟ قال سواد : فإني كنت نازلاً بالهند وكان لي رئيٌّ من الجن ، قال : فبينا أنا ذات ليلة نائم ؛ إذ جاءني في منامي ذلك ، قال : قم فافهم واعقل إن كنت تعقل ، قد بعث رسول من لؤيّ بن غالب ، ثم أنشأ يقول :
عجبت للجن وأنجاسها . . . وشدّها العيس بأحلاسها
تهوى إلى مكة تبغي الهدى . . . ما مؤمنوها مثل أرجاسها
فانهض إلى الصفوة من هاشم . . . واسم بعينيك إلى راسها
ثم أنبهني وأفزعني ، وقال : يا سواد بن قارب ، إن الله عز وجل بعث نبيا فانهض إليه تهتد وترشد ، فلما كان في الليلة الثانية أتاني فأنبهني ، ثم أنشأ يقول كذلك :
عجبت للجن وتطلابها . . . وشدّها العيس بأقتابها
تهوى إلى مكة تبغي الهدى . . . ليس قداماها كأذنابها
فانهض إلى الصفوة من هاشم . . . واسم بعينيك إلى نابها
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني ، ثم قال كذلك :
عجبت للجن وتخبارها . . . وشدّها العيس بأكوارها
تهوى إلى مكة تبغي الهدى . . . ليس ذوو الشّرّ كأخيارها
فانهض إلى الصفوة من هاشم . . . ما مؤمنوا الجن ككفارها
قال : فلما سمعته يكرر ليلةً وقع في قلبي حب الإسلام من أمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ما شاء الله ، فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي ، فما حللت نسعةً ولا عقدت أخرى حتى أتيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فإذا هو بالمدينة والناس عليه كعرف