كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 97 """"""
ومنه ما روى عن أبي خريم فاتك أنه قال : خرجت في الجاهلية أطلب إبلا أضللتها ، فلما بأبرق العزاف ، عقلت ناقتي وتوسدت ذارعها ، وقلت : أعوذ بعظيم هذا المكان ، فسمعت هاتفاً يقول :
تعوذن بالله ذي الجلال . . . ووحد الله ولا تبالي
ما هول الجن من الأهوال
قال فقلت : بين لي يرحمك الله ، فقال :
هذا رسول الله ذو الخيرات . . . يدعو إلى الجنة والنجاة
يأمر بالصوم وبالصلاة
قال : فوقع في قلبي الإسلام ، فقلت : من أنت أيها الهاتف ؟ فقال : أنا مالك بن مالك ، إن أردت الإسلام فأنا أكفيك طلب ضالتك حتى أردها إلى أهلك ، قال : فركبت راحلتي وقصدت المدينة ، فقدمتها في يوم جمعة ، فأتيت المسجد فإذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب ، فأنخت بباب المسجد قلت ألبث حتى يفرغ من خطبته ، وإذا أبو ذر قد خرج فقال لي : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أرسلني إليك وهو يقول لك : " مرحباً قد بلغني إسلامك فادخل فصل مع الناس " قال فتطهرت ودخلت فصليت ، ثم دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فبايعني وأخبرني بالخبر قبل أن أذكره له ، وقال لي : " أما إبلك فقد بغت أهلك ، وقد وفى لك صاحبك " فقلت : جزاه الله خيرا ورحمة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " آمين " . ومنه ما روى عن مالك بن نفيع أنه قال : ند بعيرٌ لي ، فركبت نجيبة وطبنة ، حتى ظفرت به ، فأخذته وانكفأت راجعاً إلى أهلي ، فأسريت ليلةً حتى كدت أصبح ، فأنخت النجيبة والجمل وعقلتهما ، واضجعت في ذرى كثيب رملٍ ، فلما كحلني الوسن سمعت هاتفاً يقول : يا مالك ، يا مالك ، لو فحصت عن مبرك العود البارك ، لسرك ما هنالك ، قال : فثرت وأثرت البعير عن مبركه ، واحتفرت ،