كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 99 """"""
ومنه مما يشبه هذه القصة ما روى عن قتادة عن عبد الله بن أبي ذباب عن أبيه ، أنه قال : كنت مولعاً بالصيد ، وكان لنا صنم اسمه فراض ، كنت كثيرا ما أذبح له ، ولم أكن أتخذ جارحاً للصيد إلا رمى بآفة ، فلما أدخل الحي صيداً حياً ، لأني كنت لا أدركه إلا وقد أشفى على الهلاك ، فلما طال بي ذلك أتيت فراضاً ، فعترت له عتيرة ، ولطخته من دمها ، وقلت :
فراض أشكو نكد الجوارح . . . من طائرٍ ذي مخلبٍ ونابح
وأنت للأمر الشديدي الفادح . . . فافتح فقد أسهلت المفاتح
فأجابني مجيبٌ من الصنم ؛ فقال :
دونك كلباً جارحاً مباركاً . . . أعد للوحوش سلاحاً شابكا
يفر حزون الأرض والد كادكا
قال : فانقلبت إلى خبائي ، فوجدت به كلباً خلاسياً بهيما عظيما ؛ أهرت الشدقين ، شابك الأنياب ، شئن البراثن ، أشعر مهول المنظر ، فصفرت به فأتاني ، فلاذ بي وبصبص ، فسميته حياضا ، فاتخذت له مربطا بإزاء فراشي وأكرمته ، ثم خرجت به إلى الصيد ، فإذا هو أبصر بالصيد مني ، وكان لا يثبت له شيء من الوحش ، فقلت فيه :
حياض إنك مأمولٌ منافعه . . . وقد جعلتك موقوفاً لفراض وكنت أعتر لفراض من صيده ، وأقرى الضيف ، فلم أزل به من أوسع العرب رحلا ، وأكثرها ضيفا ، إلى أن ظهر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فنزل بي ضيفٌ كان زار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وسمع منه القرآن ، فحدثني عنه ، ورأيت حياصضاً كأنه ينصت الحديثه ، ثم إني غدوت أقتنص بحياض ، فجعل يجاذبني ، ويأبى أن يتبعني فأجذبه وأمسحه ، إلى أن عن لي تولب - يعني جحشا من حمير الوحش - قال : فأرسلته عليه فقصده ، حتى إذا قلت قد أخذه حاد عنه ، فساءني ذلك ، ثم أرسلته على رألٍ - يعني فرخ نعامة -