كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 8)
وقوله خلافًا لمن أول ما بإلا قال المصنف في الشرح: "وزعم بعض الناس أن ما هاهنا بمعنى إلا، وليس بشيء" انتهى.
وإنما قال "وليس بشيء" لأن ما لم يثبت لها قط معنى إلا في لسان العرب، بخلاف كونها مصدرية، فهو ثابت في لسان العرب، وقد حصر النحويون مواقع ما في نيف على ثلاثين قسمًا، ليس منها أنها تكون بمعنى إلا.
وقال أبو زيد السهيلي: "ليس ما تدخل فيه ليس تحسن فيه ما، فيستثنى بليس دون ما إلا في كلمة جاءت مثلًا، وهي: كل شيءٍ مهمةٌ ما النساء وذكرهن، أي: ليس النساء وذكرهن" انتهى.
فهذا ثالث؛ لأنها عنده نافية، ليست مصدرية ولا بمعنى إلا، / [٤: ٧١/ أ] واستعمال ما النافية كـ"ليس" في الاستثناء غير معهود، وحذف صلة ما المصدرية كذلك أيضًا، فتتكافأ دعوى إضمار عدا ودعوى كون ما بمعنى ليس مستثنى بها، ووقوع الشيء موقع الشيء لاشتراكهما في المعنى أقرب من حذف صلة ما، ولا يوجد حرف مصدري حُذفت صلته، فأما قول الشاعر:
إذا ريدةٌ من حيث ما نفحت له أتاه برياها خليلٌ يواصله
فقد قدره المصنف: من حيث ما هبت، فحذف صلة ما.
وقد تكلمنا عليه في باب المفعول المسمى ظرفًا، وخرجناه على غير تخريج المصنف بما ظهر لنا أنه أرجح، فيُنظر هناك.
وقال بعض أصحابنا: وزعم الفراء والأحمر أن العرب تستثني بـ (ما)، وحكيا من كلامهم: كل شيءٍ مهمةٌ ما النساء وذكرهن، وهذا شيء لا يُحفظ منه غير هذا