كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 8)

وأداة الاستثناء في ((إلا أن يكون)) هي إلا، و ((أن يكون)) في موضع اسم منصوب في لغة أهل الحجاز؛ لأن الكون غير المستثنى منه، والتقدير: ما جاءني أحد إلا كون زيد، كقولك: ما جاءني أحد إلا حمارًا- وهو في لغة بني تميم مرفوع على البدل من أحد، وهو أقيس، وكذا قاله الأخفش في ((الأوسط)).
وقال بعض شيوخنا: ((ينبغي أن تكون هنا تامةً حتى يكون المستثنى وجود زيد؛ لأن وجود الشيء يعبر به/ [٧٣:٤/ب] عن ذاته، بل هو ذاته في الحقيقةً، فيكون قولهم إلا أن يكون زيد في تقدير؛ إلا كون زيد، أي: إلا وجوده، أي: إلا زيدًا. ونظير التعبير بوجود الشيء عن ذاته في كلامهم قولهم: ما أحسن ما كان زيد، بالرفع، أي: ما أحسن كونه، أي: وجوده، ولا يتصور أن تكون هنا تامةً إلا برفع الاسم الذي بعدها، فالرفع في التعجب وهنا هو الوجه)) انتهى.
وهو استثناء منقطع؛ لأن كون زيد ليس من جنس الذوات. وقد رام بعض أصحابنا أن يجعله استثناء متصلًا، فقال: ((أن يكون؛ في موضع نصب بإلا، كأنك قلت: إلا كون زيد.
فإن قلت: ليس المعنى على استثناء كون زيد، وإنما المعنى على استثناء زيد. فالجواب: أنه يتصور على أن تكون أن وصلتها في موضع مصدر منصوب على الاستثناء، ويكون واقعًا موقع الاسم، وكأنك قلت: قام القوم إلا الكائن زيدًا، والكائن زيدًا هو زيد، وساغ لأن وصلتها أن تقع موقع الاسم كما يسوغ ذلك في المصدر الذي هي بتقديره، ومن ذلك قول الشاعر:
لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى ولكنما الفتيان كل فتى ندي
فأوقع أن تنبت اللحى موقع النابتي اللحى)) انتهى.

الصفحة 339