كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 8)

روي برفع سمر على لفظ حمامةً، وبجره، قال: على معنى: وما هاج هذا الشوق غير حمامة سمر قيودها.
ومن منع ذلك تأول الجر في سمر على أنه خفض على الجوار أو على أن سمرا نعت لخضراء، والمراد بالقيود عروق الشجرة، وقد حكي ذلك لغة.
وفي الاستدلال بقوله ((سمر قيودها)) على أن يكون نعتًا لحمامةً، على تقدير ((إلا حمامةً)) بـ ((غير حمامةً)) - دليل على إجراء النعت مجرى العطف؛ فعلى هذا يجوز أن يراعى المعنى في قولك: ما جاء غير زيد العاقل، برفع العاقل على معنى: ما جاء إلا زيد العاقل، فلا تتقيد المسألةً بالعطف كما قيدها المصنف وأكثر النحويين.
وإذا كانت غير استثناء ففي العطف بعدها ب ((لا)) خلاف:
فذهب أبو عبيدة والأخفش وابن السراج والزجاج وأبو علي والرماني إلى جواز ذلك، إما على تقدير زيادةً لا، وإما على الحمل غير المعنى؛ لأن الاستثناء فيه معنى النفي، فإن قولك جاءني القوم إلا زيدًا معناه: جاءني القوم لا زيد، وهو هنا أولى لأن غيرًا في أصلها تعطي المعني، ويدل عليه أنك تقول: أنت غير القائم ولا القاعد.
وذهب الفراء وثعلب إلى أنه إذا كانت استثناء فلا يجوز العطف بعدها بـ ((لا)) كما لا يكون بعد إلا، فلا تقول: جاءني القوم غير زيد ولا عمرو، كما لا تقول: جاءني القوم إلا زيدًا ولا عمرًا.

الصفحة 348