كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 8)

متمكن, قال ابن عصفور: ((ولم يتصرف سوى وسواء لأنهما بمعنى مكانك الذي يدخله معنى عوضك وبدلك؛ ألا ترى انك إذا قلت (مررت برجل سواك) فمعناه: مررت/ [٤: ٧٧/ أ] برجل مكانك, أي: عوضك وبدلك, ومكان إذا أريد به هذا المعنى لا يتصرف, فكذلك ما هو في معناه. وسبب ذلك أن مكانك بهذا المعنى ليس بمكان حقيقي؛ لان مكان الشيء حقيقة إنما هو موضعه ومستقره, فلما كانت الظرفية على طريقة المجاز لم يتصرفوا فيه كما يتصرفون في الظروف الحقيقية)).
وقال: سوى وسواء لا يرفعان, لا يقال: قام سوى زيد, ولا: قام سواء زيد, ولا ينتصبان على غير الظرفية إلا أن يجئ شيء من ذلك في ضرورة شعر.
وقال أيضا: ((سوى وسوى وسواء بمنزلة غير في المعنى, إلا أن يكون أبدا في موضع نصب على الظرف, فإذا قلت: قام القوم سواك وسواك وسواءك فكأنك قلت: القوم مكانك وبدلك.
ولا تستعمل بعد عامل مفرغ, فلا تقول: ما قام سواك, كما تقول: ما قام غيرك, وكذلك لا تقول ما ضربت سواك, ولا: ما مررت بسواك, كما تقول: ما ضربت غيرك, وما مررت بغيرك؛ لأنها لزمت الظرفية)).
وقال المصنف في الشرح ناصرا لمذهبه الذي اختاره: ((وتساويها أيضا في قبول تأثير العوامل المفرغة رافعة وناصبة وخافضة في نثر ونظم, كقول النبي عليه السلام: (دعوت ربي ألا يسلط على أمتي عدوا من سوى أنفسهم) , وقوله: (ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود, أو كالشعرة السوداء

الصفحة 354