كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 8)

يلزم من معاملته معاملة الظرف كونه ظرفا؛ فإن جرف الجر يعامل معاملة الظرف, ولم يكن بذلك ظرفا, وان سمي ظرفا فمجاز. وان أطلق على سوى ظرف إطلاقا مجازيا لم يمتنع, وإنما يمتنع تسميته ظرفا بقصد الحقيقة, وان كان ذلك مع عدم التصرف فامتناعه أحق.
فإن قيل: فلم استجيز الوصل بـ ((سوى)) , ولم يستنجز بـ ((غير)) , وهما بمعنى واحد؟
فعن ذلك جوابان:
أحدهما: أن هذا في النوادر كنصب غدوة بعد لدن, وكإضافة ذي إلى تسلم في قولهم: اذهب بذي تسلم.
والثاني: أن ((سوى)) لازمة الإضافة لفظا ومعنى, فشبه لـ ((عند)) و ((لدى)) في ذلك مع كثرة الاستعمال, فعومل في الوصل به معاملتهما, ولم تعامل ((غير)) هذه المعاملة لأنها قد تنفك عن الإضافة لفظا.
فإن قيل: فما موضع ((سوى)) من الإعراب بعد الموصول؟
قلت: يحتمل أن يكون موضعه رفعا على انه خبر مبتدأ مضمر, ويحتمل أن يكون موضعه نصبا على انه حال, وقبله ((ثبت)) مضمرا, كما اضمر قبل أن في قولهم: لا افعل ذلك ما أن حراء مكانه. ويقوي هذا الوجه قول من قال: رأيت الذي سواءك. ونظيره أيضاً قولهم: كل شيء مهة ما النساء وذكرهن. ولنا أن نجعل سواءك بعد الموصول خبر مبتدأ مضمر على أن يكون مبنيا لإبهامه وإضافته إلى مبنى, كما فعل ذلك بـ ((غير)) في قوله:

الصفحة 357