كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 8)

وقوله وقد يقال لاسيما بالتخفيف زعم ابن عصفور أنه لا يجوز تخفيف الياء من لاسيما؛ لأن ذلك لم يحفظ من كلام فصيح، ولا يقتضيه القياس؛ لأن تخفيفها يؤدي إلى إبقاء الإسم المعرب على حرفين، وثانيهما حرف علة، وذلك غير محفوظ في حال إفراد ولا في حال إضافة إلا ما جاء من قولهم فوك وذو مال، وهما خارجان عن القياس.
وما منعه الأستاذ أبو الحسن بن عصفور قد حكاه الأخفش في «الأوسط»، قال فيه: «ومن العرب من يخفف لاسيما». وحكا أيضاً أبو جعفر النحاس، وأبو الفتح بن جني، وأبو عبد الله بن الأعرابي في نواره، قال: «يقال: ولاسيما، وقد تخفف، ويرفع بها ويخفض، من جعل سيما حرفاً واحداً رفع ما بعده، ومن جعل ما حشواً خفض به» انتهى كلامه. ونسبة الرفع إليها والخفض على طريق المجاز، ولا يعني أن لاسيما ترفع وتخفض حقيقة، إلا أنه لما كان الرفع في الاسم بعدها والخفض نسب ذلك إليها. وقال الشاعر في تخفيف الياء في لاسيما:
ف بالعقود وبالأيمان لاسيما عقد وفاء به من أعظم القرب
وإذا خففت الياء في لاسيما فما المحذوف؟ أعين الكلمة أم لامها؟ وذلك أن سيا عينها واو، ولامها ياء، فهي من باب طويت، وأصلها سوي؛ لأنها من سويت، فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها على حد ميزان، أو لوقوع الياء بعدها، أو لهما جميعاً، وأدغمت في الياء، فقيل سي.
فذهب ابن جني إلى أن المحذوف هو لام الكلمة، وانفتحت الياء بإلقاء حركة اللام عليها، قال: فكان ينبغي أن ترجع واواً لأنها عين، وتصح كما صحت في عوض وحول، وأن يقال: لا سوما زيد، لكنها أقرت على قلبها دلالة على أن المراد سكونها ووقوع الياء بعدها، وإن شئت قلت لأنها الآن قد وقعت طرفاً، فضعفت.

الصفحة 370