كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 8)

(فَمَا دفاتره إِلَّا خواطره ... يمليك مِنْهَا بِلَا ريب وَلَا نصب)
)
وَهُوَ الَّذِي لم يزل قَائِما من السّنة بأعبائها ناصبا نَفسه لنشرها وأدائها محققا لفنونها ومضمون عيونها مَعَ قلَّة الْمعِين والناصر والمجاري لَهُ فِي هَذَا الْعلم والمذاكر لَا يفتر عَن ذَلِك طرفَة عين وَلَا يشغل نَفسه بغيبة ولامين.
والعلامة الْمُوفق أَبُو ذَر بن الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ فوصف بمولانا وَشَيخنَا الْعَلامَة الْحَافِظ الأوحد قدم علينا حلب فَأفَاد وأجاد كَانَ الله لَهُ بل صرح بِمَا هُوَ أَعلَى مِنْهُ.
والبرهان البقاعي وَكَانَ عجبا فِي التَّنَاقُض حِين الْغَضَب والرضى فَقَالَ: إِن مِمَّن ضرب فِي الحَدِيث بأوفر نصيب وأوفى سهم مُصِيب الْمُحدث البارع الأوحد الْمُفِيد الْحَافِظ الأمجد إِلَى آخر كَلَامه. وَقَالَ مرّة: إِذا وَافقنِي فلَان لَا يضرني من خالفني فِي ثَنَاء كثير ذكر فِي التَّأْلِيف الْمشَار إِلَيْهِ، وَقدم هَؤُلَاءِ لاشتغالهم بِالْحَدِيثِ أَكثر.
وَمِمَّنْ أثنى من الْحفاظ الْمُحدثين الزين رضوَان الْمُسْتَمْلِي وَكَذَا التقي القلقشندي والعز الْحَنْبَلِيّ وَمِنْه الْوَصْف بِالْإِمَامِ الْعَلامَة الْحَافِظ الْأُسْتَاذ الْحجَّة المتقن الْمُحَقق شيخ السّنة حَافظ الْأمة إِمَام الْعَصْر أوحد الدَّهْر مفتي الْمُسلمين محيي سنة سيد الْأَوَّلين أبقاه الله للمعارف علما ولمعالم الْعلم إِمَامًا مقدما وَأَحْيَا بحياته الشَّرِيفَة مآثر شَيْخه شيخ الْإِسْلَام وَجعله خلفا عَن السّلف الْأَئِمَّة الْأَعْلَام ويحرسه من حوادث الزَّمَان وغدره ويأمنه من كيد الْعَدو ومكره بِرَسُولِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
والمفوه البليغ الْبُرْهَان الباعوني شيخ أهل الْأَدَب فَكَانَ مِمَّا قَالَ: الشَّيْخ الإِمَام الْحَائِز لأنواع الْفضل على التَّمام الْحَافِظ لحَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام أمتع الله بحياته وَأعَاد على الْمُسلمين من بركاته هُوَ الْآن من الْأَفْرَاد فِي علم الحَدِيث الَّذِي اشْتهر فِيهِ فَضله وَلَيْسَ بعد شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر فِيهِ مثله وَقد حصل الِاجْتِمَاع بخدمته والفوز ببركته والاقتباس من فَوَائده والاستمتاع بفرائده.
وقاضي الْقُضَاة الْعلم البُلْقِينِيّ فَمن وَصفه قَوْله: الشَّيْخ الْفَاضِل الْعَلامَة الْحَافِظ جمع فأوعى واهتم بِهَذَا الْفَنّ وَلم يزل لَهُ يرْعَى، وَصرح غير مرّة بالانفراد.

الصفحة 21