كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 8)

وقريبه الولوي قَاضِي الشَّام فَكَانَ مِمَّا كتبه فِي أثْنَاء مدح لغيره من أقربائه خُصُوصا وَاسِطَة عقدهَا من انْعَقَد الْإِجْمَاع على أَنه أَمْسَى كالجوهر الْفَرد وَأصْبح فِي وَجه الدَّهْر كالغرة حَتَّى صَارَت الدُّرَر مَعَ جواهره كالذرة بل جواد جوده شهد لَهُ جَرَيَانه بِالسَّبقِ فِي ميدان الفرسان)
وَحكم لَهُ بِأَنَّهُ هُوَ الْفَرْع الَّذِي فاق أَصله البديع بالمعاني وَلَا حَاجَة للْبَيَان أَضَاء هَذَا الشَّمْس فاختفت مِنْهُ كواكب الذَّرَارِي كَيفَ لَا وَقد جَاءَهُ الْفَيْض بِفَتْح الْبَارِي فَهُوَ نخبة الْقَمَر والدهر وَعين القلادة فِي طبقَة الْجُود لِأَنَّهُ عين السخاء وَزِيَادَة فبدايته لَهَا النِّهَايَة ومنهاجه أوضح الطّرق إِلَى الْغَايَة وَهُوَ الْخَادِم للسّنة الشَّرِيفَة وَالْحَاوِي لمحاسن الِاصْطِلَاح النكت المنيفة فبهجته زهت بروضتها وروضته زهت ببهجتها إِلَى آخر كَلَامه.
وقريبه الآخر البدري قَاضِي مصر كَانَ فَكَانَ مِمَّا كتبه فِي أثْنَاء كَلَام: وَكَيف لَا وإمامة مُؤَلفه فِي فنون الحَدِيث النَّبَوِيّ لَا تنكر وتقدمه فِيهِ لَيْسَ بشاذ وَلَا مُنكر بل هُوَ باستفاضته أشهر من أَن يُقَال وَيذكر وَحفظه للرِّجَال وطبقاتهم ومراتبهم سما فِيهِ على أهل عصره وتصانيفه إِلَيْهَا النِّهَايَة فِي الشَّهَادَة لَهُ بمزيد علوه وفخره واستحضاره للأسانيد والمتون من أُمَّهَات الْكتب لَا يدْرك قَرَار بحره ومعرفته بمظان مَا يلْتَمس مِنْهُ فِي جَمِيع فنونه وإبراز المخدرات من مخبآت عيونه يقصر عَن بَيَان الْأَمر فِيهِ الْمقَال وَلَا يحصر ذَلِك الْمِثَال فقد حَاز قصب السَّبق فِي مضماره وميز صعاب القشر من لبابه بجودة قريحته وَبَنَات أفكاره بِحَيْثُ صَار هُوَ الْكَعْبَة وَالْحجّة فِي زَمَانه وَشهد لَهُ الْحفاظ بالتقدم على الشُّيُوخ فضلا عَن أقرانه.
وفقيه الْمَذْهَب الشّرف الْمَنَاوِيّ، وَمِمَّا كتبه أَنه لما أشرف علم الحَدِيث على الإندراس من التدريس حَتَّى لم يبْق مِنْهُ إِلَّا الْأَثر والانفصال من التَّأْلِيف حَتَّى لم يبْق مِنْهُ إِلَّا الْخَبَر انتدب لذَلِك الْأَخ فِي الله تَعَالَى الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة والحافظ الناسك الألمعي الهامة الْحجَّة فِي السّنَن على أهل زَمَانه والمشمر فِي ذَلِك عَن ساعد الِاجْتِهَاد فِي سره وإعلانه فجد بجد فِي حفظ السّنة حَتَّى هجر الوسن وَهَاجَر بعزم فِيهَا حَتَّى طلق الوطن وأروى العطاش من عذب بَحر السّنة حَتَّى ضرب النَّاس بِعَطَن.
وحافظ الْمَذْهَب السراج الْعَبَّادِيّ فَقَالَ هُوَ الَّذِي انْعَقَد على تفرده

الصفحة 22