كتاب نيل الأوطار (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQحِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ رَفَعَهُ «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ يَسْتَحِلُّ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» قَوْلُهُ: (مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي مُجَرَّدُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ دُونِ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِهِ، وَمِنْ دُونِ تَغْلِيظٍ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان قَوْلُهُ: (قَالَهُ لَهُ يَعْنِي ابْنَ صُورِيَّا) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا. أَصْلُ الْقِصَّةِ «أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْيَهُودِ أَتَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا؟ فَقَالَ: ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، فَأَتَوْهُ بِابْنِ صُورِيَّا» قَوْلُهُ: (وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمَنَّ هُوَ التَّرَنْجَبِينُ وَهُوَ شَيْءٌ أَبْيَضُ كَالثَّلْجِ، وَالسَّلْوَى: طَيْرٌ يُقَالُ لَهُ السَّمَّانِيّ
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَغْلِيظِ الْيَمِينِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَيُقَالُ لِلْيَهُودِيِّ بِمِثْلِ مَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ أَرَادَ الِاخْتِصَارَ قَالَ: قُلْ وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى. وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا قَالَ لَهُ: قُلْ وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى قَوْلُهُ: (ذَكَّرْتَنِي) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ الْمَفْتُوحَةِ قَوْلُهُ: (أَنْ أَكْذِبَكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، يَعْنِي فِيمَا ذَكَرْتَهُ لِي قَوْلُهُ: (عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ) أَيْ ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ) إنَّمَا خَصَّ الرَّطْبَ لِأَنَّهُ كَثِيرُ الْوُجُودِ لَا يُبَاعُ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا فِي مَوَاطِنِ نَبَاتِهِ بِخِلَافِ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ قَدْ يُحْمَلُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَيُبَاعُ قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَالَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَالُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْغَضَبُ فَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ حُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ قَوْلُهُ: (رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ وَحُكْمِ مَانِعِهِ قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعَصْرِ) خَصَّهُ لِشَرَفِهِ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ قَوْلُهُ: (لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَعَ مَضْبُوطًا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَفِي بَعْضِهَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالطَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ لِلْحَالِفِ وَهِيَ أَرْجَحُ، وَمَعْنَى لَأَخَذَهَا بِكَذَا: أَيْ لَقَدْ أَخَذَهَا
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى جَوَازِ التَّغْلِيظِ عَلَى الْحَالِفِ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ كَالْحَرَمِ وَالْمَسْجِدِ وَمِنْبَرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالزَّمَانِ كَبَعْدَ الْعَصْرِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْجُمْهُورُ كَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْفَتْحِ. وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ إلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّغْلِيظِ بِذَلِكَ. وَعَلَيْهِ دَلَّتْ تَرْجَمَةُ الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الصَّحِيحِ " بَابٌ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ " وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ إلَى مِثْلِ مَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ كَمَا حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ صَاحِبُ الْبَحْرِ
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ لِلْحَاكِمِ، وَقَدْ وَرَدَ

الصفحة 356