«يا اشرف، اتمنى (1) علىّ ايش تريد». فنظر الىّ فقلت: «اطلب البرج الدى فيه اهلكم وعيالكم واقاربكم، لعل (2) يسمح به، وتسترهم من السبى». فقال الاشرف: «لا يكون يقتلنى». فقلت: «لا تخاف (3)، فان قلب الخاتون كله معك، وهى الغالبة عليه». ثم كرر عليه هلاوون القول. فقبل الاشرف الارض وقال: «ينعم علىّ القان بالبرج الدى فيه حريمنا، وحريم الملوك الدين صاروا هاربين من هيبه القان». قال: فغضب هلاوون، وعبس وجهه، ولعب شاربيه (6)، فكاد الاشرف يسقط من يدى ويد الحاجب، ونظرت الخاتون، ففهمت منه انه يستجير بها، فلطمت هلاوون وهى تضحك.
وقالت: «ما تستحى، ملك مثل هدا يتمنا (8) عليك شى يسير، وانت الدى ادنت (9) له ومنيته، والله الم تعطيه انت اعطيته انا القلعه كلها». فقال هلاوون:
«انما منعته ذلك لاجلك حتى تبقى بنات الملوك لك جوار (10)». فقالت: «هم جوارىّ، وقد وهبتهم (11) لهدا البهادر». فعند دلك رسم له بالبرج. فقبل الاشرف الارض، واراد أنه ينهظ (12)، فلم يقدر حتى اقمناه بابطيه-وفى تلك الليله اخدت القلعه. ولم تزل الخاتون تعنى بالاشرف حتى اعاد عليه ملكه بحمص، واضاف اليه غيرها، وانعم عليه انعام كثير (14).
قال الصارم ازبك: ولما اخد هلاوون حلب، وجهز كتبغا نوين الى ديار مصر عاد طالبا للشرق، ثم انه طلبنى وانعم علىّ انعام كثير (16)، وردنى الى الشام. وقال لى: «يا صارم، انت تعلم ما فعلته معك من الخير بخلاف استاديتك الدين ربّوك، وانا خايف على اولادى الدين سيرتهم الى مصر لقلّه خبرتهم بالبلاد، واريدك ترجع، وتكون
_________
(1) اتمنى: تمنّ
(2) لعل: لعله
(3) تخاف: تخف
(6) شاربيه: شارباه
(8) يتمنا: يتمنى--شى يسير: شيئا يسيرا
(9) ادنت: أذنت--الم تعطيه: إن لم تعطه
(10) جوار: جوارى--هم: هن
(11) وهبتهم: وهبتهن--وقد وهبتهم لهدا البهادر: فى تاريخ ابن الفرات ص 364 «أنا قد أعتقتهم لوجه الله تعالى ولأجل الملك الأشرف»
(12) ينهظ: ينهض
(14) انعام كثير: انعاما: كثيرا
(16) انعام كثير: انعاما كثيرا