كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

إليه وهو يخطب وهو يقول: من استغنى أغناه الله، ومن استعف أعفه الله، ومن سألنا إما أن نبذل له وإما أن نواسيه، ومن استعف عنا واستغنى أحب إلينا ممن سألنا. قال: فرجعت فما سألت أحدًا بعد، فما زال الله يرزقنا حتى ما أعلم أهل بيت في المدينة أكثر أموالًا منا".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمَّد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زُريع، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن هلال بن مرة، عن أبي سعيد، قال: "أعوزنا مرةً فأتيت النبي - عليه السلام - فذكرت ذلك له، فقال النبي - عليه السلام -: مَن استعف أعفه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومَن سألنا أعطيناه. قال: قُلتُ فلأستعففن فيعفَّني الله، ولأستغنين فيغنيني الله، قال: فوالله ما كان إلا أيام حتى إن رسول الله - عليه السلام - قسم زبيبًا فأرسل إلينا منه، ثم قسم شعيرًا فأرسل منه، ثم سالت علينا الدنيا فغرقتنا إلا من عصم الله".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمَّد، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا هشام، عن قتادة، عن هلال بن حِصن -أخي بني مرة بن عُبَاد- عن أبي سعيد، عن النبي - عليه السلام - مثله.
قال ابن أبي داود: هذا هو الصحيح.
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا رسول الله - عليه السلام - يقول: "مَن سألنا أعطيناه" ويخاطب بذلك أصحابه، وأكثرهم صحيح لا زمانة به إلا أنه فقير، فلم يمنعهم منها، فقد دل ذلك على ما ذكرنا، وفضل من استعف ولم يسأل على مَن سأل، فلم يسأله أبو سعيد لذلك، ولو سأله لأعطاه، إذ قد كان بذل ذلك له ولأمثاله من الصحابة - رضي الله عنهم -.
ش: أي: فالدليل للجماعة الآخرين وهم أهل المقالة الثانية "عليهم" أي على أهل المقالة الأولى.
وأراد بذلك الجواب عما استدلوا به من حديث عبيد الله بن عدي عن رجلين من الصحابة وهو ظاهر.

الصفحة 18