كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (¬1) مطولًا: ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، نا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن زياد بن نعيم، عن زياد بن الحارث الصدائي، قال: "أتيت النبي - عليه السلام - فبايعته، فبلغني أنه يريد أن يرسل جيشًا إلى قومي. فقلت: يا رسول الله ردَّ الجيش وأنا لك بإسلامهم وطاعتهم. فقال: افعل، فكتبت إليهم، فأتى وفدٌ منهم النبي - عليه السلام - بإسلامهم وطاعتهم، فقال: يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك. قلت: بك هداهم الله وأحسن إليهم، قال: أفلا أؤمرك عليهم؟ قلت: بك، فأمَّرني عليهم فكتب لي بذلك كتابًا، وسألته من صدقاتهم ففعل، وكان النبي - عليه السلام - في بعض أسفاره، فنزلنا منزلًا فأعرسنا من أول الليل فلزمته، وجعل أصحابه ينقطعون حتى لم يبق معه رجل منهم غيري، فلما تحين الصبح أمرني فأذَّنت، ثم قال لي: يا أخا صداء معك ماء؟ قلت: نعم، قليل لا يكفيك، قال: صبه في الإناء ثم ائتني به، فأتيته به، فأدخل يده، فيه فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينًا تفور، قال: يا أخا صداء، لولا أني أستحيي من ربي لسقينا واستقينا، نادِ في الناس: مَن كان يريد الوضوء، قال: فاغترف من اغترف، وجاء بلال ليقيم، فقال النبي - عليه السلام -: إن أخا صداء أذَّن ومن أذَّن فهو يقيم، فلما صلى الفجر أتاه أهل المنزل يشكون عاملهم ويقولون: يا رسول الله حدثنا بما كان بيننا وبين قومنا في الجاهلية، فالتفت إلى أصحابه وأنا فيهم وقال: لا خير في الإمارة لرجل مؤمن، فوقعت في نفسي، وأتاه سائل فسأله فقال: من سأل الناس عن ظهر غنى فصداع في الرأس وداء في البطن، قال: فأعطني من الصدقات، فقال: إن الله لم يرض في الصدقات بحكم نبي ولا غيره حتى جعلها ثمانية أجزاء، فإن كنت منهم أعطيتك حقك، فلما أصبحت قلت: يا رسول الله أقِل إمارتك فلا حاجة لي فيها. قال: ولمَ؟ قلت: سمعتك تقول: لا خير في الإمارة لرجل مؤمن، وقد آمنت، وسمعتك تقول: مَن سأل الناس عن ظهر غنى فصداع في الرأس وداء في البطن، وقد سألتك وأنا غني، قال: هو ذاك فإن
¬__________
(¬1) "المعجم الكبير" (5/ 262 رقم 5285).

الصفحة 25