كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

والوجه الآخر: ما ورد ذكره في الكتاب مجملًا ووُكِل بيانه إلى النبي - عليه السلام - فهو يفسره قولًا وفعلًا أو يتركه على إجماله ليبينه فقهاء الأمة ويستدركوه استنباطًا واعتبارًا بدلائل الأصول، وكل ذلك بيان مصدره عن الله تعالى وعن رسوله - عليه السلام -.
ص: ثم قد روى قبيصة بن المخارق عن النبي - عليه السلام - ما قد دل على ذلك أيضًا.
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن هارون بن رئاب، عن كنانة بن نُعيم، عن قبيصة بن المخارق: " [أنه تحمل بحمالة، فأتى النبي - عليه السلام - فيها، فقال: نخرجها عنك من إبل الصدقة أو نَعم الصدقة، يا قبيصة إن] (¬1) المسألة حرمت إلا في ثلاث: رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت بماله فحلت له المسألة حتى يُصيب قِوامًا من عيش أو سِدادًا من عيش ثم يمسك، ورجل أصابته حاجة حتى تكلم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه أن قد حلت له المسألة، حتى يصيب قوامًا من عيش أو سدادًا من عيش ثم يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحت".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن هارون بن رئاب، عن كنانة بن نعيم العدوي، عن قبيصة بن المخارق، عن النبي - عليه السلام - نحوه.
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب ... فذكر بإسناده مثله. وزاد: "رجل تحمل حمالة عن قومه أراد بها الإصلاح".
فأباح رسول الله - عليه السلام - في هذا الحديث لذي الحاجة أن يسأل لحاجته حتى يصيب قِوامًا من عيش أو سِدادًا من عيش، فدل ذلك أن الصدقة لا تحرم بالصحة إذا أراد بها الذي تُصدق بها عليه سد فقره، وأنها تحرم عليه إذا كان يريد بها غير ذلك من التكثر ونحوه، ومَن يريد بها ذلك فهو ممن يطلبها لسوى المعاني الثلاثة التيم ذكرها رسول الله - عليه السلام - في حديث قبيصة الذي ذكرنا، فهي عليه سحت.
¬__________
(¬1) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

الصفحة 28