كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

وأما كون الغرم موجعًا فظاهر؛ لأن المديون دائمًا موجوع القلب.
قوله: "أو دم مفظع" من أفظع، يقال: أفظعني الأمر إذا اشتد علي، والأمر الفظيع هو الشديد والشنيع الذي جاوز المقدار، وكون الدم فظيعًا شديدًا ظاهر.
قوله: "أو فقر مدقع" من أَدْقع من الدَّقع، وهو الفقر الشديد، وأصله من الدقعاء وهو التراب، ومعناه: الفقر الذي يفضي به إلى التراب لا يكون عنده ما يقيه من التراب.
وقال ابن الأعرابي: الدقع: سُوء احتمال الفقر.
ص: وقد روي عن أبي سعيد الخدري في ذلك أيضًا ما حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو إسحاق، عن سفيان، عن عمران البارقي، عن عطية بن سعد، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "لا تحل الصدقة لغني إلا أن تكون في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو يكون له جار فيتصدق عليه فيهدي له أو يدعوه".
حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي - عليه السلام - مثله.
فأباح رسول الله - عليه السلام - الصدقة للرجل إذا كان في سبيل الله أو ابن السبيل، فقد أجمع ذلك الصحيح وغير الصحيح؛ فدل ذلك أيضًا على أن الصدقة إنما تحل بالفقر، كانت معه الزمانة أو لم تكن.
ش: أي: وقد روي عن أبي سعيد سعد بن مالك الخدري، عن النبي - عليه السلام - فيما ذكرنا من أن الصحة والقدرة على الكسب لا تمنع حلّ الصدقة إذا كان سؤاله عن حاجة.
وأخرجه من طريقين:
الأول: عن فهد بن سليمان، عن الحسن بن الربيع بن سليمان القسري الكوفي شيخ الجماعة غير الترمذي، عن أبي إسحاق الفزاري واسمه إبراهيم بن محمَّد بن

الصفحة 38