كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

أحب صوم عاشوراء صام يومين: التاسع والعاشر، وممن روي ذلك عنه: ابن عباس، وابن سيرين، وقاله الشافعي.
ويقال: معنى قول ابن عباس: "نعم" في جواب الحكم بن الأعرج حين قال: "كذلك كان يصوم محمَّد -عليه السلام -" أي: نعم كان يصوم التاسع لو عاش إلى العام المقبل جمعا بينه وبين قوله: "فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع".
قال أبو عمر: وفي هذا دليل على أنه - عليه السلام - كان يصوم العاشر إلى أن مات، ولم يزل يصومه حتى قدم المدينة وذلك محفوظ من حديث ابن عباس، والآثار في هذا الباب مضطربة عن ابن عباس.
ص: وقد حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور، قال: ثنا الهيثم بن جميل، قال: ثنا شريك، عن جابر، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يصوم يوم عاشوراء".
فقد يجوز أن يكون ذلك أيضًا من أجل المعنى اللي ذكره ابن عباس.
وقد حدثنا فهدٌ، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن ثُوير، قال: سمعت عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - يقول: "هذا يوم عاشوراء فصوموه؛ فإن رسول الله - عليه السلام - كان يأمر بصومه".
فقد يجوز أن يكون ذلك للعلة التي ذكرناها أيضًا.
حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا عبيد الله بن ميسرة الواسطي، قال: ثنا مزيدة بن جابر، عن أمه: "أن عثمان - رضي الله عنه - استعمل أبا موسى - رضي الله عنه - على الكوفة، فقال يوم عاشوراء: صوموا هذا اليوم؛ فإن رسول الله - عليه السلام - كان يصومه".
فهذا الحديث يحتمل ما في حديث ابن عباس أيضًا.
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو عوانة، عن الحر بن الصيَّاح، عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي - عليه السلام -: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يصوم نصف ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر".

الصفحة 409