كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

الجاهلية، فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومَن أحب منكم أن يتركه فليتركه، وكان ابن عمر لا يصومه إلا أن يوافق صيامه".
وأما حديث أبي قتادة الحارث بن ربعيم الأنصاري - رضي الله عنه - فأخرجه من ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن روح بن عبادة، عن شعبة بن الحجاج، عن غيلان بن جرير المعولي الأزدي البصري، عن عبد الله بن مَعبد الزماني البصري، عن أبي قتادة.
وأخرجه مسلم (¬1) مطولا: ثنا يحيى بن يحيى التميمي وقتيبة بن سعيد، جميعًا عن حماد -قال يحيى: أنا حماد بن زيد- عن غيلان، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة قال: "أتى رجل إلى النبي - عليه السلام - فقال: يا رسول الله كيف نصوم؟ فغضب النبي - عليه السلام - من قوله، فلما رأى عمر - رضي الله عنه - غضبه قال: رضينا بالله ربًّا وبالإِسلام دينًا وبمحمد - عليه السلام - نبيًّا، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فجعل عمر - رضي الله عنه - يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر -أو قال: لم يصم ولم يفطر- قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يومًا؟ قال: ويطيق ذلك أحد؟ قال: كيف من يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال: ذلك صوم داود - عليه السلام -، قال: كيف مَن يصوم يومًا ويفطر يومين؟ قال: وددت أني طوقت ذلك، ثم قال رسول الله - عليه السلام -: ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" انتهى.
وقد ذكر الطحاوي هذا الإسناد بعينه في الباب الذي قبله مقتصرًا فيه على ذكر الصوم بعرفة.
¬__________
(¬1) "صحيح مسلم" (2/ 818 رقم 1162).

الصفحة 416