كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

ويستفاد منه: كراهة صوم يوم الجمعة وحده، واليه ذهب الجمهور، وقال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يكرهون للرجل أن يختص يوم الجمعة بصيام لا يصوم قبله ولا بعده، وبه يقول أحمد وإسحاق.
قلت: وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي، ويروى ذلك عن علي وأبي هريرة ومجاهد والشعبي وإبراهيم النخعي.
وفي "الموطأ" قال يحيى: سمعت مالكًا يقول: لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومَن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأُراه كان يتحراه، وقال أبو عمر: لم يبلغ مالكا حديث المنع من ذلك، وقد روى ابن القاسم عن مالك المنع من قصد شيء من الأيام بصوم، وقال الداودي: لم يبلغ مالكًا حديثُ المنع، ولو بلغه لم يخالفه.
وأما حديث جويرية - رضي الله عنها - فأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب العتكي- واسمه يحيى بن مالك، ويقال: حبيب بن مالك، روى له الجماعة.
عن جويرية بنت الحارث.
وأخرجه البخاري (¬1): ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن شعبة.
وثنا غندر، نا شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن جويرية بنت الحارث: "أن النبي - عليه السلام - دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: أصمتِ أمس؟ قالت: لا، قال: أتريدين أن تصومي غدًا؟ قالت: لا، قال: فأفطري".
الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد البصري، عن شعبة وحماد بن سلمة وهمام بن يحيى، ثلاثتهم عن قتادة، عن أبي أيوب العتكي، عن جويرية بنت الحارث نحوه.
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (2/ 701 رقم 1885).

الصفحة 426