كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

من الشجرة أوحي إليه: يا آدم أن اهبط من جواري فإنه لا يجاورني من عصاني، فهبط إلى الأرض مسودًّا جميع بدنه إلا ظفره، فإنه ترك على هذه الحالة ليتذكر بذلك أول حاله، ولذلك إذا نظر الإنسان إلى ظفره نسي ضحكه، فلما اسود جميع جسده، بكت الملائكة وقالوا: يا ربنا خلقته بيدك، وأسجدته ملائكتك وزوجته حواء أمتك، وأسكنته جنتك، فبذنب واحد حولت بياضه سوادًا؟! فأوحى الله إليه: يا آدم صم يوم الثالث عشر فصامه فأصبح وثلثه أبيض، ثم أوحي إليه: صم يوم الرابع عشر فصامه فأصبح وثلثاه أبيض، ثم أوحي إليه: صم يوم الخامس عشر فصامه وأصبح وكله أبيض، فسميت هذه الأيام: أيام البيض.
قوله: "كان رسول الله - عليه السلام - يأمرنا" أراد به أمر ندب واستحباب وترغيب.
قوله: "ثلاث عشرة" بالنصب بيان عن قوله: ليالي البيض، أو بدل منه.
قوله: "وأربع عشرة وخمس عشرة" عطف عليه.
قوله: "وقال: هي" أي هذه الثلاثة الأيام "كهيئة صيام الدهر" في الأجر عند الله تعالى، وفي رواية النسائي: "هي صوم الشهر" لأن الحسنة بعشر أمثالها.
ثم اعلم أن الترمذي لما أخرج حديث أبي ذر في صوم أيام البيض قال (¬1): وفي الباب عن أبي قتادة وعبد الله بن عمرو، وقرة بن إياس المزني، وعبد الله بن مسعود وأبي عقرب وابن عباس وعائشة وقتادة بن ملحان وعثمان بن أبي العاص وجرير - رضي الله عنهم -.
أما حديث أبي ذر وقتادة بن ملحان فقد أخرجها الطحاوى.
وأما حديث أبي قتادة فأخرجه مسلم (¬2) مطولًا وقد ذكرناه عند صوم يوم عرفة.
¬__________
(¬1) "جامع الترمذي" (3/ 134 رقم 761).
(¬2) تقدم.

الصفحة 440