كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

ص: باب: الصوم بعد النصف من شعبان إلى رمضان
ش: أي هذا باب في بيان حكم الصوم بعد انتصاف شعبان إلى أول رمضان، وسمي شهر شعبان بذلك لتشعبهم فيه أي لتفرقهم في طلب المياه، قاله ابن دريد. وفي "المحكم": سمي بذلك لتشعبهم في الغارات.
وقال ثعلب: قال بعضهم: إنما سمي شعبان لأنه شَعَب أي ظهر بين رمضان ورجب، وذكر أبو عمر الزاهد عن ثعلب: كان شعبان شهرًا تتشعب فيه القبائل أي تتفرق لقصد الملوك والتماس العطية، وقيل: إنما سمي به لتشعب الخيرات فيه، وهذا أحسن؛ لأن هذا من الأسماء الإِسلامية، ويقولون: شعبان وشعبانان وشعبانات في الجمع، ويقال: شعابين أيضًا، قاله الأزهري في "التهذيب".
فإن قيل: الصوم في شعبان قد جاء فيه أحاديث صحيحة، ولكن الصلاة التي يصلونها ليلة النصف ما حكمها؟ وهل لها أصل؟ قلت: ذكر أبو الخطاب أن الأحاديث التي في صلاة النصف منه موضوعة، وفيها حديث عند الترمذي مقطوع، وقد قال أهل التعديل والتجريح: ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يصح، وذكر الطرطوشي في كتاب "الحوادث والبدع" عن أبي محمَّد القدسي: لم يكن عندنا ببيت المقدس قط صلاة الرغائب هذه التي تصل في رجب وشعبان، وأول ما حدثت عندنا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وبين الشيخ تقي الدين ابن الصلاح والشيخ عز الدين ابن عبد السلام في هذه الصلاة مقاولات، فابن الصلاح يزعم أن لها أصلًا من السنة، والشيخ عز الدين ينكره.
وأما الوقود في تلك الليلة فزعم ابن دحية أن أول ما كان ذلك زمن يحيى بن خالد بن برمك؛ لأنهم كانوا مجوسًا، فأدخلوا في دين الإِسلام ما يموهون به على

الصفحة 447