كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

وقد دل هذا الحديث على أن الكراهية على من تعمد الصيام كحال رمضان، وقال الخطابي: يشبه أن يكون حديث العلاء على معنى كراهية صوم يوم الشك أن يكون في ذلك اليوم مفطرًا أو يكون استحباب إجمام الصائم في بقية شعبان ليتقوى بذلك على صوم الفرض في شهر رمضان، كما كره للحاج الصوم بعرفة ليتقوى بالإفطار على الدعاء، وقد قيل: فيه نظرة فإن نصف شعبان إذا أضعفه عن صوم رمضان كان شعبان كله أحرى أن يُضعف، ومع هذا ورد أن النبي - عليه السلام - كان يصوم شعبان كله.
أخرجه النسائي (¬1) وغيره (¬2).
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله- فذهب قوم إلى كراهة الصوم بعد النصف من شعبان إلى رمضان، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء بن أبي رباح وعبد الرحمن بن يعقوب المدني؛ فإنهم قالوا بكراهة الصوم بعد النصف من شعبان، واحتجوا فيه بظاهر الحديث المذكور، وهو مذهب بعض أهل الظاهر، وحمله ابن حزم على اليوم السادس عشر من شعبان.
وقال في "المحلى" (¬3): ولا يجوز صوم اليوم السادس عشر من شعبان أصلًا، ولا لمن صادف يوما كان يصومه، ثم روى الحديث المذكور، ثم قال: والعلاء ثقة روى عنه شعبة وسفيان الثوري ومالك وسفيان بن عيينة ومسعر بن كدام وأبو العميس، وكلهم يحتج بحديثه، فلا يضره غمز ابن معين له، ولا يجوز أن يظن لأبي هريرة مخالفة ما روي عن النبي - عليه السلام -، ثم قال: وقد كره قوم الصوم بعد النصف من شعبان جملة إلا أن الصحيح المتيقن من مقتضى لفظ هذا الخبر النهي عن الصوم بعد النصف
¬__________
(¬1) "المجتبى" (4/ 152 رقم 2186).
(¬2) رواه ابن ماجه في "سننه" (1/ 528 رقم 1649)، وأحمد في "مسنده" (6/ 233 رقم 26006).
(¬3) "المحلى" (7/ 25).

الصفحة 450