كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

من شعبان، ولا يكون الصيام في أقل من يوم، ولا يجوز أن يحمل على النهي عن صوم باقي الشهر إذ ليس ذلك بينا، ولا يخلو شعبان من أن يكون ثلاثين أو تسعًا وعشرين، فإن كان ثلاثين فانتصافه بتمام خمسة عشر يومًا، وإن كان تسعًا وعشرين، فانتصافه في نصف اليوم الخامس عشر، ولم ينه إلا عن الصيام بعد النصف، فجعل من ذلك النهي عن صيام السادس عشر بلا شك.
قلت: هذا كلام فيه تخبيط، والنص صريح ينفي الصوم من بعد النصف إلى رمضان بقوله: حتى رمضان، ثم يعتبر اليوم السادس عشر، وتخصيصه بالنهي تحكم باطل، وقول بلا دليل يقبله العقل، فافهم.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا بأس بصوم شعبان كله وهو غير منهي عنه.
ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم مجاهدا والأوزاعي والنخعي والثوري وأبا حنيفة وأصحابه ومالكًا والشافعي وأحمد وأصحابهم وجماهير العلماء من التابعين ومَن بعدهم، فإنهم قالوا: لا بأس بصوم شعبان كله وهو مستحب غير منهي عنه، وروي ذلك عن أنس وأسامة بن زيد وعائشة وأم سلمة وعطاء بن يسار - رضي الله عنهم -.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، قال: حدثني فضيل بن عياض، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر قال: "كان رسول الله - عليه السلام - يقرن شعبان برمضان".
ش: أي: احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث ابن عمر.
وإسناده حسن ورجاله ثقات.
وليث هو ابن أبي سليم، احتج به الأربعة.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده": ثنا محمَّد بن عون، نا فضيل بن عياض ... إلى آخره نحوه سواء.

الصفحة 451