كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

وأخرجه النسائي (¬1) أيضًا: أنا عمرو بن علي عن عبد الرحمن، قال: نا ثابت بن قيس أبو الغصن -شيخ من أهل المدينة- قال: حدثني أبو سعيد المقبري، قال: حدثني أسامة بن زيد قال: "قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
قوله: "ترفع فيه الأعمال" أي: أعمال بني آدم من الخير والشر والطاعة والمعصية وقد قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (¬2) أي: في الليلة المباركة، قيل: ليلة النصف من شعبان يفصل ويكتب كل أمر حكيم من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمرهم، منها إلى الأخرى القابلة.
وقيل: يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر، فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ونسخة الحروب إلى جبريل، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم، ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
ص: حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا نافع بن يزيد، أن ابن الهاد حدثه -يعني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد- أن محمَّد بن إبراهيم حدثه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "ما كان رسول الله - عليه السلام - يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصوم كله إلا قليلًا، بل كان يصومه كله".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، حدثتني عائشة - رضي الله عنه - أن رسول الله - عليه السلام - كان لا يصوم من السنة أكثر من صيامه في شعبان، فإنه كان يصومه كله.
¬__________
(¬1) "المجتبى" (4/ 201 رقم 2357).
(¬2) سورة الدخان، آية: [4].

الصفحة 454