كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

أبي هريرة الذي احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه، وهو منعهم الصوم فيما بعد النصف من شعبان لم يكن إلا لأجل الشفقة على الذين يصومون رمضان كيلا يدخلهم ضعف، ولم يكن لمعنى غير ذلك، والله أعلم.
قوله: "وكذلك يؤمر مَن كان الصوم ... إلى آخره" فقوله: "مَنْ" مفعول يؤمر في محل نصب، وهي موصولة، وقوله: "كان الصوم بقرب رمضان يدخله به ضعف" صلته
وقوله: "الصوم"، مرفوع؛ لأنه اسم كان، وقوله: "يدخله" خبره، وقوله: "ضعف" مرفوع؛ لأنه فاعل، والضمير في "يدخله" يرجع إلى "من" وفي قوله: "به إلى الصوم" الباء فيه للسببية، وقوله: "يمنعه" جملة في محل الرفع؛ لأنها صفة لقوله: "ضعف" والباء في قوله: "بقرب رمضان" في محل النصب على الحال من الصوم، وقوله: "أن لا يصوم" أي: بأن لا يصوم، أي: يترك الصوم، وهو يتعلق بقوله: "يؤمر"، وقوله: "حتى يصوم" أي: حتى أن يصوم.
ثم إنه أخرج الحديث المذكور من سبع طرق صحاح:
الأول: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة ... إلى آخره.
وأخرجه الدارمي في "سننه" (¬1): أنا وهب بن جرير، قال: ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "لا تقدموا قبل رمضان يومًا ولا يومين، إلا أن يكون رجلًا كان يصوم صومًا فليصمه".
الثاني: عن محمَّد بن خزيمة، عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري، عن هشام الدستوائي ... إلى آخره.
¬__________
(¬1) "سنن الدارمي" (2/ 8 رقم 1689).

الصفحة 466