كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

قلت: زُبيد هذا -بضم الزاي المعجمة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف- ابن الحارث الأيامي، روى له الجماعة.
قوله: "وله ما يغنيه" جملة وقعت حالًا.
قوله: "إلا جاءت" أي: مسألته.
"شينًا". أي: عيبًا، يقال: شانه يشُينُه، وتفسير الكدوح والخدوش قد مرَّ.
قوله: "قلت لسفيان" قد عرفت القائل هو عبد الله بن عثمان وهو غير مذكور في متن الحديث.
ولما أخرج الترمذي هذا الحديث قال: والعمل على هذا عند بعض أصحابنا، وبه يقول الثوري وعبد الله بن المبارك وأحمد وإسحاق. قالوا: إذا كان عند الرجل خمسون درهمًا لم تحل له الصدقة.
قال: ولم يذهب بعض أهل العلم إلى حديث حكيم بن جبير ووسعوا في هذا، وقالوا: إذا كان عنده خمسون درهما أو أكثر وهو محتاج فله أن يأخذ من الزكاة، وهو قول الشافعي وغيره من أهل الفقه والعلم.
وقال ابن قدامة: استدل الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق وأحمد بهذا الحديث: أن مَن ملك خمسين درهمًا أو قيمتها من الذهب فإنه يحرم عليه السؤال، ولا تحل له الصدقة.
قلت: قال أصحابنا: الغني الذي يحرم به أخذ الصدقة وقبولها هو الذي تجب به صدقة الفطر والأضحية، وهو أن يملك من الأموال التي لا تجب فيها الزكاة ما يفضل عن حوائجه، وتبلغ قيمة الفاضل مائتي درهم من الثياب والفرش والدور والحوانيت والدواب والخدم، زيادة على ما يحتاج إليه كل ذلك للابتذال والاستعمال لا للنماء والإسامة، فإذا فضل من ذلك ما تبلغ قيمته مائتي درهم وجب عليه صدقة الفطر والأضحية وحرم عليه أخذ الصدقة (¬1).
¬__________
(¬1) انظر "بدائع الصنائع" (2/ 157).

الصفحة 47