كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

كيف تصوم؟ قلت: أصوم فلا أفطر. قال: صم من كل شهر ثلاثة أيام. قلت: إني أقوى من ذلك. فلم يزل يناقصني وأناقصه حتى قال: صُمْ أحب الصيام إلى الله -عز وجل- صوم داود - عليه السلام - صوم يوم وإفطار يوم".
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن قادم، قال: ثنا مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي العباس، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال له رسول الله - عليه السلام -: "ألم أنبأ أنك تصوم الدهر وتقوم الليل، قال: قلت: إني أقوى، قال: إنك إذا فعلت نفهت له النفس وهجمت له العين، قال: قلت: إني أقوى، قال: فصم ثلاثة أيام من كل شهر، قال: قلت: إني أقوى، قال: فصم صوم أخي داود - عليه السلام -، كان يصوم يوما ويفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى".
حدثنا يونس، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت أبا العباس -رجلًا من أهل مكة وكان شاعرا، وكان لا يتهم في الحديث- قال: سمعت عبد الله بن عمرو ... فذكر مثله.
حدثني أبو أمية، قال: حدثنا سريج، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا حصين ومغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله - عليه السلام - قال له: "صُمْ من كل شهر ثلاثة أيام ... " ثم ذكر مثله.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت غيلان بن جرير يحدث، عن عبد الله بن معبد الزمان، عن أبي قتادة: "سئل رسول الله - عليه السلام - عمن يصوم يوما ويفطر يوما؟ قال: ذاك صوم داود - عليه السلام -، قال: يا رسول الله كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: وددت أني طوقت ذلك".
فلما أباح رسول الله - عليه السلام - فى هذه الآثار المتواترة صوم يوم وإفطار يوم من سائر الدهر دلك ذلك أن صوم ما بعد النصف من شعبان مما قد دخل في إباحة النبى - عليه السلام - لعبد الله بن عمرو، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

الصفحة 471