كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

ثم قدر الحاجة ما ذكره الكرخي في "مختصره" فقال: لا بأس أن يعطى من الزكاة من له مسكن وما يتأثث به في منزله، وخادم، وفرس، وسلاخ وثياب البدن، وكتب العلم إن كان من أهله، فإن كان له فضل عن ذلك تبلغ قيمته مائتي درهم حرم عليه أخذ الصدقة، لما روي عن الحسن البصري أنه قال: "كانوا يعطون من الزكاة لمن يملك عشرة آلاف درهم من السلاخ والفرس والدار والخادم".
وقوله: "كانوا" كناية عن أصحاب رسول الله - عليه السلام -.
وذكر في "الفتاوى" فيمن له حوانيت ودور الغلة لكن غلتها لا تكفيه لعياله، أنه فقير ويحل له أخذ الصدقة عند محمَّد، وعند أبي يوسف لا يحل، وعلى هذا إذا كان له كرم، لكن غلته لا تكفيه لعياله، وإن كان عنده طعام للقوت يساوي مائتي درهم فإن كان كفاية شهر، يحل له أخذ الصدقة، وإن كان كفاية سنة قال بعضهم: لا يحل، وقال بعضهم: يحل.
ثم جواب أصحابنا عن الحديث المذكور: أنه محمول على حرمة السؤال، معناه: لا يحل سؤال الصدقة لمن له خمسون درهمًا أو عوضها من الذهب، أو يحمل ذلك على كراهة الأخذ؛ لأن مَن له سداد من العيش فالتعفف أولى.
ص: حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثني ربيعة بن يزيد، عن أبي كبشة السلولي، قال: حدثني سهل بن الحنظلية، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن سأل الناس عن ظهر غنًى فإنما يستكثر من جمر جهنم. قلت: يا رسول الله وما ظهر غنًى؟ قال: أن يعلم أن عند أهله ما يُغديهم أو ما يعشيهم".
ش: أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي، وأيوب بن سويد أبو مسعود الحميري السيباني -بفتح السين المهملة وبعد الياء آخر الحروف باء موحدة- فيه مقال؛ فقال أحمد: ضعيف. وقال يحيى: ليس بشيء يسرق الأحاديث. وقال النسائي: ليس بثقة. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.

الصفحة 48